تلفزيون نابلس
كوكا كولا
في يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني: فلتتظافر كل الجهود للحفاظ على مكتسبات الشعب الفلسطيني
11/28/2025 11:50:00 PM

كتب وليد العوض

في التاسع والعشرين من نوفمبر، يحيي الأحرار في العالم "يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني"، ليؤكدوا وقوفهم إلى جانب الحق والعدالة التي تجسدها القضية الفلسطينية، قضية لا تزال متقدة في وجدان أصحاب الضمائر الحية. ويأتي هذا اليوم بعد مرور ٧٨ عاماً على النكبة الكبرى التي حلت بشعبنا، وفشل كل محاولات اقتلاعه وتصفية قضيته. هذه المحاولات البائسة  ما زالت مستمرة بأشكال متعددة فإلى جانب العدوان والاستيطان  ومحاولات الضم تعرض شعبنا في قطاع غزة لحرب إبادة شاملة امتدت لعامين ما زالت مستمرة بشكل مختلف، حصدت أرواح أكثر من ثلاثمائة ألف قتيل وجريح، ودمرت ٩٥٪؜ من قطاع غزة، وحولت غالبية سكانه إلى نازحين، وجعلت القطاع منطقة غير قابلة للحياة، كل ذلك بهدف استكمال مخططات التهجير التي بدأتها دول الاحتلال عام ١٩٤٨، والتي لن تنجح في حينه بفضل صمود شعبنا وبقائه في وطنه. ورغم شراسة هذا العدوان الممتد لأكثر من ثمانين عاماً وما أصاب شعبنا من مآسي وويلات، إلا أنه باقٍ في وطنه ويؤازره تزايد واتساع حلقات التضامن مع قضيته العادلة. واليوم، التاسع والعشرين من نوفمبر، يحيي شعبنا ومعه أحرار العالم يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، وهو يوم صدور قرار التقسيم رقم 181 عام ١٩٤٧ الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي نص على إقامة دولتين؛ دولة يهودية يعيش فيها بضعة آلاف من اليهود، وأخرى عربية يعيش فيها أكثر من مئة وعشرين ألف عربي، أصحاب البلاد الأصليين ، شهد هذا القرار جدلاً كبيراً في أوساط القيادات السياسية الفلسطينية التي هيمن عليها توجهات عدمية أدت إلى رفضه، فيما قبلته عصبة التحرر الوطني الفلسطيني (الشيوعيين الفلسطينيين) رغم إدراكهم لإجحافه، معتبرين إياه أفضل الحلول السيئة المطروحة في ظل موازين قوى مختلة لصالح الأعداء.

عصبة التحرر الوطني أدركت برؤيتها الاستشرافية أن البديل عن قبول قرار التقسيم هو ضياع كل فلسطين، استناداً إلى الدعم غير المسبوق للحركة الصهيونية من دول الاستعمار العالمي وتواطؤ الأنظمة العربية، مما أتاح لدولة الاحتلال أن تستند  لذلك القرار وإعلان قيام دولتهم باستخدام كل الوسائل الوحشية لحرمان شعبنا من تنفيذ الشق الآخر من القرار، وهو إقامة دولة فلسطينية على ما يزيد عن 47% من أراضي فلسطين التاريخية. ومنذ ذلك الحين، ترفض دولة الاحتلال الاعتراف بحق شعبنا في إقامة دولته، رغم أن قرار 181 منشئ لدولتين. إحدى الدول قامت بالإرهاب والاغتصاب، والأخرى ما زال شعبها ينتظر يكافح  بعزيمة وإصرار لنيل حقه المشروع وغير القابل للتصرف، وقد خاض  كفاحاً عنيداً باستخدام كافة الوسائل التي تجيزها الشرعية الدولية لإعادة قضيته إلى صدارة الاهتمام العالمي. وقد تمكن الشعب الفلسطيني رغم الصعاب من بناء كيان معنوي وشخصية وطنية مستقلة ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وكسب شعبنا دعم شعوب العالم وقوفها بجانب قضيته العادلة. واستطاعت منظمة التحرير، بتضحياتها وتحالفاتها ورؤيتها السياسية، الوصول إلى منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث حظيت بدعم واعتراف واضح عبر قرارها رقم 3236 الصادر عام 1974.

هذا القرار أنشأ لجنة معنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، مؤكداً ضرورة الالتزام بقرارات الشرعية الدولية، وخصوصاً الفقرتين (أ ـ ب) من القرار، والتي تنصان على: 

أ – الحق في تقرير المصير دون تدخل خارجي. 

ب – الحق في الاستقلال والسيادة الوطنية. كما أكد القرار على حق أبناء شعبنا غير القابل للتصرف في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي شردوا منها طبقاً للقرار 194. وتوالت حملات التضامن مع شعبنا حتى صدور القرار رقم (32/40ب) عام 1977، الذي اعتبر 29 نوفمبر يوماً للتضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني وحقوقه في إنهاء الاحتلال وتصفية الاستعمار وتقرير المصير، أسوة ببقية شعوب الأرض. وهكذا تحوّل التاسع والعشرون من نوفمبر إلى يوم تضامن مع شعبنا الفلسطيني، وتمكن شعبنا بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية وبدعم واسع من حلفائه وأصدقائه من تحويل هذا اليوم من محاولة إسرائيل وحلفائها لتكريسه يوماً لتصفية القضية الوطنية، إلى يوم تأكيد حقوق شعبنا.

في هذه الأيام، يحيي شعبنا هذه المناسبة في ظل حرب إبادة شاملة يتعرض لها في قطاع غزة، وعدوان إسرائيلي متواصل، واتساع عمليات الاستيطان ومحاولات الضم في الضفة الغربية، واستمرار محاولات تهويد القدس. إلى جانب كل ذلك، تتسع حلقات المؤامرة لفرض التراجع عن قرارات الشرعية الدولية التي أكدت حق شعبنا في إقامة دولته بما فيها قرار الجمعية العامة بالاعتراف بدولة فلسطين عام 2012، وبمحاولات محمومة  لاستبدال  تلك القرارات بخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي أصبحت قراراً لمجلس الأمن. وأمام هذه المخاطر، يصبح التمسك بيوم التضامن العالمي مع كفاح الشعب الفلسطيني  اكثر قوة وضرورة  تتطلب  بذل مزيد من الحراك السياسي والدبلوماسي لوقف أي تراجع عن مكتسبات شعبنا التي حملتها قرارات الأمم المتحدة منذ نشوء القضية. في هذا اليوم الهام، ونحن نتطلع لدعم العالم وشعوبه لكفاح شعبنا العادل، وندعوهم للتضامن معنا، يتطلع شعبنا رغم كل المعاناة إلى أن تدرك كافة القوى الفلسطينية مخاطر اللحظة، وتبتعد عن مربعات المناورة والمماطلة، وتذهب لموقف موحد لمجابهة المخاطر القادمة  تحت اطار منظمة التحرير الفلسطينية بكل ما لها من مكانة سياسية واعترافات دولية، تمكنها من الحفاظ على مكتسبات شعبنا وصونها من التبديد. بهذا وحده يمكن استثمار التضامن الواسع مع شعبنا الفلسطيني وقضيتنا العادلة، وبغيره ستتضاءل دائرة التضامن والتعاطف حتى تندثر.

غزة - 28- نوفمبر 2025


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة