
*كتب : وليد العوض
بعد عامين من حرب الإبادة الشاملة التي تعرض لها شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، والتي حصدت آلاف الأرواح ودمرت كل شيء، أصبح القطاع غير قابل للحياة وقد انعكس هذا الواقع الميداني الصعب بوضوح في قرار مجلس الأمن 2803 الصادر يوم الاثنين الماضي، والذي لم تُفلح كل المناشدات والمحاولات الذي بذلتها البعثة الفلسطينية في الامم المتحدة في تعديله بما يسمح بإغلاق نواقصه كافة وان كانت نجحت جزئياً في تقليل أضراره. وقد حصل هذا القرار على أغلبية 13 صوتاً وامتناع اثنين من أصل 15 عن التصويت، معبراً عن حجم الكارثة السياسية التي تجاوزت حدود قطاع غزة لتصيب القضية الفلسطينية في صميمها.
ذهب القرار لتكريس أهداف إسرائيل التي أعلنتها منذ بداية العدوان، مثل نزع السلاح، وإبعاد حركة حماس عن الحكم، وإعادة ترتيب الواقع الفلسطيني في غزة، في تراجع واضح عن قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية خاصة فيما يتعلق بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس . ورغم ذلك، حقق القرار بعض المكاسب المهمة، كوقف إطلاق النار والحؤول دون استمرار مخطط التهجير المكثف لشعبنا من قطاع غزة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، ورغم المثالية التي اشرنا لها مراراً لكنه يفتح أيضاً ميداناً جديداً للنضال السياسي والدبلوماسي الفلسطيني لإعادة ترتيب الأوراق واستعادة مكانة القضية الفلسطينية والحفاظ على مكتسبات شعبنا التي حققها عبر سنوات طوال من الكفاح الوطني وأكدتها قرارات الشرعية الدولية في مئات القرارات ، في ظل هذه المعادلة الصعبة والمعقدة ، غزة ما زالت تواجه تحديات البقاء بثبات تئن من الوجع وتصرخ من الأهمال وهي التي حملت المشروع الوطني الفلسطيني على مدار سنوات ومن ازقة مخيماتها اندلعت الانتفاضة الكبرى التي اعادت الاعتبار للقضية الفلسطينية بعد أن ظن كثيرون أن صفحتها طويت بعد حصار بيروت عام ١٩٨٧ . السؤال اليوم هو: هل تستطيع غزة، استمرار الثبات والبقاء والنهوض واستعادة مكانتها ودورها في ان تعيد الأمور إلى نصابها ليس فقط دفاعاً عن بقاءها بل حاملة وحامية للمشروع الوطني الفلسطيني السؤال المطروح بجدية اليوم، هل تستطيع ذلك بعد ان أثخنتها الجراح في ظل انعدام الافق وبقاء اكثر من خمسة عشر الف تحت الأنقاض و اكثر من ميلون ونصف يعيشون في خيام بالية تقتلعها الرياح ويغرقها المطر ،، انه اختبار كبير لا يجيب عليه إلا شعب المفاجئات " الشعب الفلسطيني "
باختصار اقول ان المخاطر الكبيرة التي تضمنها القرار المرتبطة بالقرار تعتمد بشكل أساسي على الحكمة الفلسطينية التي ما تزال مفقودة، في ظل استمرار المراهنات البائسة والتمسك بالمصالح الفئوية الضيقة التي تعرقل بناء موقف موحد. اليوم وبعد مضي اسبوع على صدور قرار مجلس الامن لم يعد مجدياً استمرار الدوران في مربع القبول أو الرفض، بل يجب التحرك على أرض الواقع أولاً باتجاه غزة واهلها المكلومين ومساعدتهم في التعافي على طريق النهوض الإنساني أولاً قبل كل شيء ، وثانياً، التوجه نحو العمل في الميدان السياسي والدبلوماسي لإعادة الزخم الدولي لدعم القضية الفلسطينية، وحماية منجزات شعبنا وصونها من التبديد. واختم بالقول مجدداً رغم المخاطر والقلق الكبيرين اللذين يرافقان القرار، تبقى إرادة الشعب الفلسطيني وتمسّكه بحقوقه المشروعة هي القوة الكامنة القادرة على إحباط هذه المخاطر. الإدارة الفلسطينية المسؤولة هذه تتطلب نزول الفصائل عن "شجرة المكابرة" ورؤية الواقع بموضوعية لتجاوز ثغراته انها المفتاح الضروري للخروج من هذه الأزمة أقوى وأكثر صلابة، مع الحفاظ على الحقوق الوطنية، ومواجهة التحديات، ورسم معالم المرحلة القادمة بثقة وثبات نحو الحرية والاستقلال.
21-11-٢٠٢٥ / غزة
أخبار فلسطينية
أخبار محلية
أخبار اسرائيلية
أخبار الاقتصاد
أخبار محلية
|
تصميم وتطوير: ماسترويب 2016 |