تلفزيون نابلس
كوكا كولا
لهذه الأسباب عُقدت قمة "شرم الشيخ" بدون نتنياهو
10/14/2025 1:37:00 AM

بين تذرع بالأعياد اليهودية، أو تجنب مصافحة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، انحصرت تبريرات مكتب رئيس وزراء الاحتلال وعدة وسائل إعلام في "إسرائيل"، بشأن عدم مشاركة نتنياهو في قمة شرم الشيخ، ومراسم اتفاق وقف الحرب في غزة.

واختتمت القمة التي عقدت، الاثنين، برئاسة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الأمريكي ومشاركة أكثر من 20 من قادة وزعماء العالم.

وتركزت أعمال القمة على "التأييد والدعم المطلق لاتفاق شرم الشيخ لإنهاء الحرب في غزة، والذي تم إبرامه يوم 9 أكتوبر/ تشرين الأول 2025، وبوساطة كل من مصر والولايات المتحدة وقطر وتركيا"، وفق بيان الرئاسة المصرية.

وأثارت عدم مشاركة نتنياهو في القمة، علامات استفهام كبرى، وعمقت التحليلات السياسية، بخاصة أنه أعلن بداية نيته حضور القمة، وما أن لبث أن تراجع عن ذلك بغضون أقل من 40 دقيقة.

الأعياد اليهودية

وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية أن قرار الغياب مرتبط بالأعياد اليهودية من جهة، والحرج من مصافحات لا يرغب بها نتنياهو، بخاصة مع الرئيس محمود عباس.

 لكن وسائل إعلام تركية وعربية، ربطت القرار بتهديدات الرئيس التركي ورئيس الوزراء العراقي، بالانسحاب من القمة في حال حضور رئيس وزراء الاحتلال.

المراسلة الإسرائيلية دفنا ليئيل، كشفت أن نتنياهو يخشى اندلاع أزمة سياسية مع بن غفير وسموتريتش، بسبب لقاء محتمل مع أبو مازن وأردوغان في مؤتمر شرم الشيخ، أكثر مما خشي من أزمة مع الأحزاب الحريدية على "انتهاك قدسية العيد اليهودي".

فيما رأى الصحفي الإسرائيلي ميخائيل شيمش، بأن نتنياهو لم يُرِد أن يُفسِد "قدسية العيد" بمصافحة يد أبو مازن، وفق تعبيره.

تهديد تركي وعراقي

وفي تركيا، تواردت أنباء أن طائرة الرئيس أردوغان تجاوزت عمدا مدرج مطار شرم الشيخ الدولي، بعد ورود معلومات أثناء تحليق الطائرة، تفيد بأن نتنياهو سيشارك في القمة، حيث أشارت إلى أن أردوغان أعطى تعليمات للطيارين بعدم الهبوط فورا وتجاوز المدرج.

وأشارت وسائل إعلام تركية مقربة من الحكومة، إلى تصريح لأحد الصحفيين كان على متن الطائرة الرئاسية جاء فيه: "عندما كانت عجلات الطائرة ستلامس المدرج، رأينا الطائرة تسرع وتعود للتحليق، وواصلت التحليق لبعض الوقت فوق البحر الأحمر، قبل أن تهبط في مطار شرم الشيخ بعد إلغاء زيارة نتنياهو".

من جهتها، أوضحت هيئة البث الإسرائيلية بأن نتنياهو قرر في اللحظات الأخيرة عدم السفر إلى شرم الشيخ، رغم إعلان رسمي مصري سابق عن مشاركته.

وأشارت صحيفة "يديعوت احرونوت" إلى المزيد مما وراء الكواليس، وقالت إن "إسرائيل" لم تُدعَ في الأصل إلى القمة، لكن بعد زيارة ترامب إلى الكنيست الإسرائيلي، جرت مكالمة ثلاثية بين ترامب ونتنياهو والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وهو أول اتصال مباشر بين الأخيرين منذ نحو عامين ونصف، وبعد هذه المكالمة، أصدر القصر الرئاسي المصري بيانًا يؤكد مشاركة نتنياهو في القمة، ما أثار تساؤلات حول طبيعة التغيير المفاجئ.

وبحسب "يديعوت أحرونوت"، فإن المكتب الرسمي لنتنياهو برّر الإلغاء بقرب الأعياد اليهودية، وخشية إثارة غضب أحزاب "الحريديم" (اليهود المتشددين دينيًا)، الذين يعارضون بشدة السفر خلال الأعياد.

 كما أثارت مشاركة الرئيس عباس مخاوف داخل أوساط اليمين الإسرائيلي، خصوصًا من احتمال حدوث مصافحة معه، أو مع الرئيس التركي، ما قد يُغضب قاعدة نتنياهو الانتخابية.

ولفتت الصحيفة إلى أن العلاقة بين نتنياهو والسيسي شهدت توتّرًا كبيرًا منذ هجوم 7 أكتوبر 2023، إذ رفض الرئيس المصري تلقي مكالمات من نتنياهو طوال الأشهر الماضية.

ورغم محاولة ترامب دفع نتنياهو للمشاركة، فإن التقييم الإسرائيلي كان أن السيسي لن يشعر بالارتياح لاستضافة رئيس وزراء إسرائيلي في ظل تصاعد التوتر بينهما.

استحقاق الحضور

ويرفض المختص في الشأن الاسرائيلي فراس ياغي، الربط بين غياب نتنياهو والخشية من تغيب زعماء عن المشاركة، ويعتقد أنه لو كان الأمر كذلك؛ لوجه ترامب تعليماته للقادة وحسم الأمر ورضخ الجميع.

ويضيف ياغي في حديثه لـه أن وسائل الإعلام الإسرائيلية ذكرت أن طرح ذهاب نتنياهو إلى قمة شرم الشيخ ظهرت أثناء وجود نتنياهو مع ترامب في سيارة الليموزين والقادمة من المطار تجاه القدس، ووافق نتنياهو محرجا من الرئيس ترامب وقام لاحقا بإلغاء ذهابه بحجة الأعياد اليهودية.

 ويرى ياغي أن الزيارة لن تكون في صالحه خاصة انه بدأ يتجهز للإنتخابات المبكرة حيث نلاحظ أن كل خطاباته تأتي في هذا السياق، في حين الذهاب إلى شرم الشيخ سوف تلزمه بمفهوم حل الصراع وفق مفهوم الدولتين وهو يخطط لأن يبدأ حملته الإنتخابية بشعار أنه الأقدر على منع قيام دولة فلسطينية.

ويتابع أن وجوده في شرم الشيخ ستفرض عليه التزاما حرفيا بخطة ترامب كاملة، خاصة أن لقاء شرم الشيخ إقليمي دولي بامتياز وهذا له استحقاق ونتنياهو غير مستعد لذلك.

وتنبأ ياغي بانعكاس المشاركة على قاعدته الانتخابية اليمينية وهو في غنى عن ذلك خاصة وأنه بدأ يؤسس لحملة انتخابية تستند إلى أن السلام يأتي بعد الحرب، حيث أن ذهابه للقمة سيفقده زخم ما تحقق أمام جمهور اليمين، وإذا أراد أن يرفع شعار منع قيام دولة فلسطينية في حملته الانتخابية القادمة، فوجوده في قمة شرم الشيخ يتعارض مع ذلك.

وخلص ياغي بقوله إن نتنياهو بإلغاء ذهابه إلى قمة شرم الشيخ بحجة الأعياد اليهودية، وجه إهانة للكل الذي سيحضر وتحت عنوان أن كل الموجود في قمة شرم الشيخ هم جهة، و"إسرائيل" تشكل جهة مقابلة، وحتى تتحقق خطة الرئيس ترامب فهي بحاجة إلى توافق الجهتين، في حين حضوره سيحسم الموقف وكأن إسرائيل جزء مما سيصدر من قرارات.

ويتفق الباحث في الشؤون الإسرائيلية هاني أبو السباع مع سابقه، بأن اعتذار نتنياهو له علاقة بالأعياد، معيداً للذاكرة توقف المفاوضات الإسرائيلية السورية التي قادها شامير بمناسبة الأعياد حينها بيوم السبت.

ويشير أبو السباع في حديثه أن الأجواء العربية غير مناسبة للمشاركة، كونه مطلوبا لمحكمة الجنايات الدولية وقبوله نصيحة الجهات الأمنية بعدم التسرع بالمشاركة.

الخشية من التبعات

على ذات الصعيد، يرى المحلل السياسي رأفت جوابرة بأن الدعوة جاءت متأخرة لنتنياهو وباتت لا معنى لها، بينما هناك خشية من استغلال مصافحة الرئيس عباس، في ظل وجود محاولات لذلك.

وتساءل جوابرة في حديثه لماذا يشارك وهو من قام بوضع البروتوكولات للمؤتمر؟، متوقعا مواجهة نتنياهو لليمين الاسرائيلي بعد الانسحاب الثالث من قطاع غزة .

وينوه المحلل السياسي سمير عودة لوجود معارضة من الدول العربية لمشاركة نتنياهو، إذ إنه ليس من السهل على الدول العربية أن تصافح رئيس الوزراء الإسرائيلي وهو بالأمس القريب كان يرتكب الإبادة الجماعية والجرائم في حق الفلسطينيين.

ويضف عودة أن أهم الأسباب التي حالت دون مشاركة نتنياهو، هو الخوف من التبعات التي ربما تشكلها هذه الزيارة على إسرائيل تحديدا وعليه شخصيا نتنياهو حيث ان ذهابه لشرم الشيخ بحضور قيادات اقليمية ودولية مناصرة للقضية الفلسطينية في الغالب، سوف يشكل عليه ضغط وربما توريطه في انتزاع موقف لصالح فلسطين او حل الدولتين او غيره.

وحسب عودة فإن نتنياهو يخشى أن يضعه ترامب في الزاوية، وهو معتاد على عشوائية الرئيس الأمريكي واقتناعه سريعا في بعض القضايا والتصرف وفق ذلك، دون الرجوع إلى مراكز الفكر والمؤسسات الأمريكية السيادية في هذا الجانب.

وهنا؛ قد لا تعود "إسرائيل" قادرة على التحلل من هذا الوعد او الموقف الذي اتخذه نتنياهو فيما بعد، كما أنها لا تريد أن تواجه الرئيس الأمريكي متمثلة بشخص نتنياهو. 

"سند للانباء"


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة