تلفزيون نابلس
كوكا كولا
من السلطة إلى الدولة الفلسطينية: قراءة تحليلية في ضوء قرارات الشرعية الدولية والرؤية الوطنية
8/10/2025 10:59:00 AM

 من السلطة إلى الدولة الفلسطينية: قراءة تحليلية في ضوء قرارات الشرعية الدولية والرؤية الوطنية


بقلم: المحامي علي أبو حبلة – رئيس تحرير صحيفة "صوت العروبة"

مقدمة

منذ توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، وقيام السلطة الفلسطينية عام 1994، ظلّ الهدف الاستراتيجي المعلن للشعب الفلسطيني هو الوصول إلى الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. غير أنّ هذا الانتقال ظلّ رهين التجاذبات السياسية الإسرائيلية والدولية، وفي كثير من الأحيان رهين الحسابات الداخلية الفلسطينية. وفي سلسلة مقالاتي وتحليلاتي على مدى السنوات الماضية، أكدتُ أن المرحلة الانتقالية انتهت قانونيًا منذ العام 1999، وأن الإبقاء على السلطة بشكلها الإداري المحدود يمثّل تعطيلًا لمسار التحرر الوطني.

التحليلات السابقة وأهمية الانتقال
تناولتُ في مقال "السلطة إلى أين؟" (صحيفة صوت العروبة، 12 أيار/مايو 2016) ضرورة إعادة تقييم دور السلطة في ظلّ انسداد الأفق السياسي. وفي مقال "من السلطة إلى الدولة… استحقاق تأخر كثيراً" (1 أيلول/سبتمبر 2018) شددتُ على أن الدولة الفلسطينية ليست خيارًا تفاوضيًا بل حقًا قانونيًا وسياسيًا استنادًا إلى قرارات الشرعية الدولية. كما أوضحتُ في مقال "الدولة الفلسطينية حق قانوني وسياسي غير قابل للتصرف" (10 كانون الأول/ديسمبر 2020) أن اتفاق أوسلو لا يلغي هذه الحقوق، بل إن انتهاء مدته يفرض الانتقال الفوري إلى مرحلة الدولة

الإطار القانوني الدولي

تعتمد دعوة الانتقال من السلطة إلى الدولة على منظومة من القرارات الدولية، أبرزها:

1. القرار 242 (1967) والقرار 338 (1973): يدعوان إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة وتسوية النزاع على أساس العدل والقانون الدولي.

2. القرار 3236 (1974): يؤكد حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بما فيها حقه في تقرير المصير والاستقلال الوطني.

3. القرار 43/177 (1988): يعترف بإعلان الاستقلال الفلسطيني الصادر عن المجلس الوطني الفلسطيني.

4. القرار 67/19 (2012): منح فلسطين صفة "دولة مراقب غير عضو" في الأمم المتحدة، مما أتاح الانضمام إلى المعاهدات والمنظمات الدولية.

التحديات التي أعاقت التحول

رغم وضوح الإطار القانوني، لم يُترجم هذا الحق إلى واقع سياسي ومؤسساتي كامل بسبب:
القيود الإسرائيلية على الحدود، الحركة، الموارد، والسيطرة الأمنية.
التزامات المانحين المربوطة باستمرار "السلطة" ضمن اتفاق أوسلو.
الانقسام الفلسطيني الداخلي منذ 2007، والذي شلّ عملية اتخاذ القرارات الاستراتيجية.
الضغوط الإقليمية والدولية التي تدفع باتجاه "إدارة الصراع" بدلاً من حله جذريًا.

الفرص الراهنة

اليوم، ومع الاعترافات المتزايدة بدولة فلسطين من دول أوروبية وأمريكية لاتينية، وارتفاع عدد الدول المعترفة إلى أكثر من 145 دولة، يصبح الانتقال من السلطة إلى الدولة ليس مجرد خيار بل ضرورة تاريخية. ويمكن تحقيق ذلك عبر:
1. إعادة تعريف مؤسسات السلطة كمؤسسات دولة فلسطين، وإصدار المراسيم الرسمية بالصيغة الجديدة.

2. تفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية لتكون الإطار الجامع للدولة.
3. استثمار القرارات الدولية للتوجه إلى مجلس الأمن والجمعية العامة بخطة تنفيذية لإلزام إسرائيل بإنهاء الاحتلال.

خاتمة

إن التحليلات التي طرحتُها منذ أكثر من عقد تؤكد أن تأجيل الانتقال من السلطة إلى الدولة أضاع على الفلسطينيين فرصة تثبيت هويتهم السياسية على الساحة الدولية. واليوم، بات هذا الانتقال واجبًا وطنيًا وقانونيًا، مدعومًا بقرارات الأمم المتحدة وبزخم الاعترافات الدولية. التأخير أكثر يعني استمرار الوضع القائم الذي يخدم الاحتلال، بينما الانتقال المدروس يعيد للقضية الفلسطينية مركزيتها على أجندة المجتمع الدولي.

الهوامش والمصادر

1. 67/19 – الحالة القانونية لفلسطين في الأمم المتحدة (29 تشرين الثاني/نوفمبر 2012) 

2. مضمون قرار الجمعية العامة ES-10/23 (10 أيار/مايو 2024) 

3. عدد الدول المعترفة بالدولة الفلسطينية حتى آذار/مارس 2025 (147 دولة) 

4. تقرير الاعتراف الدولي بتاريخ 2 نيسان/أبريل 2024 (140 دولة) 
5. تقرير يوليو 2025 عن عدد الدول المعترفة (143 دولة) 

6. اعترافات 2024 (إسبانيا، إيرلندا، النرويج وسلوفينيا) و5/2024 وما بعدها

تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة