تلفزيون نابلس
كوكا كولا
التصدي الفلسطيني لقرار الكنيست الإسرائيلي بضم الضفة الغربية: بين تحديات اللحظة واستحقاقات المواجهة
7/23/2025 11:51:00 AM

 التصدي الفلسطيني لقرار الكنيست الإسرائيلي بضم الضفة الغربية: بين تحديات اللحظة واستحقاقات المواجهة

بقلم المحامي علي أبو حبلة كاتب ومحلل سياسي

 

لحظة فارقة في تاريخ الصراع

التصويت المرتقب في الكنيست الإسرائيلي على ضم الضفة الغربية ليس مجرد إجراء تشريعي عابر، بل يمثل لحظة فارقة قد تعيد صياغة معادلات الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي لعقود قادمة. فهذا القرار، إذا ما تم إقراره، سيكرس واقعًا استيطانيًا استعمارياً يهدف إلى الإجهاز على ما تبقى من حلم الدولة الفلسطينية المستقلة، ويشكل إعلان وفاة صريح لاتفاقيات أوسلو التي كانت تمثل الإطار الناظم للعلاقات الفلسطينية-الإسرائيلية منذ ثلاثة عقود.

إن هذه اللحظة الحرجة تستدعي انتقال الفلسطينيين من إدارة الأزمة إلى بناء استراتيجية وطنية شاملة تفرض أجندة مواجهة ترتقي لمستوى التحديات الوجودية التي تهدد القضية الفلسطينية.

أولاً: أبعاد القرار الإسرائيلي ومخاطره

قرار الضم يعكس أهدافاً إسرائيلية واضحة، أهمها:

تكريس السيطرة الكاملة على المستوطنات الكبرى ومناطق (ج)، بما يؤدي إلى عزل التجمعات الفلسطينية في "كانتونات" غير مترابطة جغرافياً.

فرض القانون الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة، لتفريغ حل الدولتين من مضمونه وفرض واقع الدولة الواحدة بنظام فصل عنصري.

تسريع عملية التهجير القسري للفلسطينيين من مناطق استراتيجية لصالح التوسع الاستيطاني.

انعكاسات القرار على الوضع الفلسطيني ستكون كارثية، فهو يقوض مكانة السلطة الفلسطينية، ويعمق الأزمة الاقتصادية، ويخلق وقائع ميدانية جديدة تجعل أي عملية تفاوضية مستقبلية بلا جدوى.

ثانياً: بين التحديات والفرص

لا شك أن المشهد الفلسطيني معقد بفعل الانقسام السياسي وتراجع الدعم العربي الرسمي بعد موجات التطبيع، فضلاً عن الهيمنة الأمريكية على ملف التسوية. لكن في المقابل، ثمة فرص يجب استثمارها:

رفض دولي واسع لمشاريع الضم والاستيطان.

تنامي التعاطف الشعبي العالمي بعد حرب غزة الأخيرة وما كشفته من فظائع الاحتلال.

حيوية المجتمع المدني الفلسطيني وقدرته على الحشد والمقاومة الشعبية.

ثالثاً: نحو استراتيجية فلسطينية شاملة للمواجهة

المطلوب اليوم هو تبني خطة وطنية استراتيجية ذات أهداف واضحة:

1-   افشال محاولات شرعنة الضم الإسرائيلي سياسيًا وقانونيًا.

2-   إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية.

3-    تعزيز صمود الشعب الفلسطيني على أرضه.

4-    توحيد الصف الوطني الفلسطيني وبناء مشروع مقاومة شاملة.

رابعاً: خطوات عملية على مسار المواجهة

المرحلة الأولى: التحرك العاجل (0-30 يومًا)

إعلان رسمي بإلغاء الاعتراف بإسرائيل إذا ما تم تنفيذ الضم.

تعليق كافة أشكال التنسيق مع الاحتلال وتحميله المسؤولية عن حياة الفلسطينيين.

التوجه الفوري لمحكمة العدل الدولية لإبطال القرار قانونياً.

حشد موقف دولي رافض للضم عبر العواصم المؤثرة (موسكو، بكين، بروكسل).

المرحلة الثانية: استنهاض الجبهة الداخلية (30-90 يومًا)

عقد مؤتمر وطني شامل لإنهاء الانقسام وتشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية.

إطلاق مقاومة شعبية سلمية واسعة تشمل العصيان المدني والمقاطعة الاقتصادية للاحتلال.

المرحلة الثالثة: بناء أوراق ضغط استراتيجية (3-6 أشهر)

تدويل الصراع عبر الأمم المتحدة ومجلس الأمن.

تعزيز حملات المقاطعة (BDS) واستهداف الشركات الداعمة للاستيطان.

طرح خيار الدولة الديمقراطية الواحدة كأداة لكشف طبيعة النظام العنصري الإسرائيلي.

المرحلة الرابعة: استدامة المواجهة وبناء التحالفات (6-12 شهرًا)

بناء تحالفات مع القوى الدولية الرافضة للهيمنة الأمريكية.

إطلاق حملات إعلامية تفضح الممارسات الإسرائيلية وتعزز التعاطف مع القضية الفلسطينية

خامساً: شروط نجاح الاستراتيجية

إرادة سياسية فلسطينية موحدة تتجاوز الحسابات الفصائلية الضيقة.

تفعيل أدوات المقاومة المدنية لإرباك الاحتلال.

استثمار الرفض الدولي لمشاريع الضم والاستيطان.

دبلوماسية هجومية تفرض على إسرائيل كلفة سياسية واقتصادية باهظة.

الفلسطينيون أمام لحظة اختبار المصير

إن قرار الكنيست بضم الضفة الغربية يشكل أخطر محاولة لتصفية الحقوق الوطنية الفلسطينية منذ النكبة. لكنه، في الوقت ذاته، قد يكون الشرارة لإعادة إحياء المشروع الوطني الفلسطيني على أسس جديدة أكثر صلابة وشمولية. فالانتقال من حالة التشتت إلى الفعل الموحد هو السبيل لإفشال المخطط الاستعماري الإسرائيلي وإبقاء جذوة النضال الفلسطيني متقدة حتى تحقيق الحرية والاستقلال.

 


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة