تجّار الحرب والفساد في الأزمات: كيف تتحوّل الكارثة إلى مشروع ربحي؟
المحامي علي أبو حبله
أولًا: بيئة الفوضى… بيئة مناسبة للفساد
تمنح الحروب والصراعات والأزمات غطاءً مثاليًا لانهيار القوانين وتعليق المحاسبة. تحت شعار "الضرورة"، تُوقّع العقود الضخمة بعيدًا عن الرقابة، وتُحوَّل الموارد إلى مسارات موازية لا يعلم بها أحد. يصبح الحديث عن الشفافية ترفًا، ويُقدَّم الأمن على العدالة، فتغيب الأسئلة الكبرى: من يربح؟ ومن يُفترض أن يخسر؟
ثانيًا: من يربح من الأزمات والحروب؟
في الأزمات، لا يُعدّ الربح دائمًا ماليًا فقط. هناك من يربح بالنفوذ، بالصفقات، بالشرعية السياسية، أو بفرض أمر واقع. تشمل شبكات المستفيدين:
سماسرة السلاح والعقود الأمنية.
تجّار الإغاثة ومقاولو الإعمار.
المسؤولين الفاسدين الذين يتحكمون بمصادر التمويل.
مؤسسات إعلامية تروّج لروايات تسويقية تغطي على الفساد.
هؤلاء يتغذّون على ضعف المؤسسات، وعلى حاجة الشعوب، وعلى غياب الرقابة للمؤسسات ومرجعية المسائلة والمحاسبة الفاعلة.
ثالثًا: الشعب يدفع الثمن مرتين
الأزمة في الأصل إنسانية، لكن الثمن يتحوّل إلى سياسي واقتصادي. المواطنون يُهجَّرون، يُفقدون بيوتهم، وتُنهب مقدراتهم، ثم يجدون أنفسهم أمام "إعمار فاسد"، ومساعدات لا تصل، ومؤسسات غير قادرة على تلبية الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية.
رابعًا: الإعمار… امتداد للصراع؟
حتى لحظة "إعادة البناء" لا تخلو من الفساد. تتحول مشاريع الإعمار إلى ساحة نفوذ جديدة، حيث تُوزَّع المشاريع بناءً على الولاءات لا الكفاءات، وتُستخدم المساعدات الدولية كأداة لتثبيت السيطرة، لا كوسيلة للإنقاذ.
أن الكارثة الحقيقية ليست الحرب وحدها والكارثة الحقيقية ليست في القصف أو الانهيار فقط، بل في تحول الأزمات إلى فرص استثمار. وما لم تتم مواجهة شبكات الفساد، وبناء مؤسسات قادرة على المحاسبة، فستبقى الأزمات تتكرّر، وسيظل تجّار الحرب يربحون بينما الشعوب تنزف.
تصميم وتطوير: ماسترويب 2016 |