المحامي علي أبو حبله
منذ تاريخ الانقسام 2007 ولغاية اليوم لم تنجح الوساطة العربية بإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية وتوحيد الجغرافية الفلسطينية، وحقيقة القول أن هناك من التعقيدات ما يحول لغاية الآن من تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام، هناك برنامجين مختلفين: برنامج تقوده حركة فتح وبرنامج تتبناه حماس وهذا هو صلب الخلاف والتباعد بين القوتين الأبرز في الساحة الفلسطينية .
تفجر الخلافات واحتدام القتال بين حماس وفتح 2007 دخلت السعودية على خط المصالحة في محاولة لإنهاء الاقتتال الدامي من خلال دعوة الملك عبد الله بن عبد العزيز لدعوة الفرقاء للاجتماع في مكة وتمكنت من الجمع بين الإخوة الأعداء حيث تمخضت تلك الاجتماعات عن " اتفاق مكة المكرمة " وبموجب الاتفاق تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية وإعادة تكليف إسماعيل هنيه بتشكيل الحكومة اضافة إلى الاتفاقات الأخرى بشأن إعادة تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية وكذلك إعادة بناء الأجهزة الأمنية.
لم يكتب النجاح لاتفاق مكة نتيجة الاشتراطات الدولية والتحفظ الأمريكي ورفض إسرائيل لهذا الاتفاق، علما أن الاتفاق في مضمونه وحقيقته لم يخرج عن حيز الاتفاقات الدولية وتوائم والاشتراطات التي نصت عليها الاتفاقات التي عقدت مع منظمة التحرير الفلسطينية والتي انبثقت عنها السلطة الوطنية الفلسطينية ، كتاب التكليف من السيد الرئيس محمود عباس للسيد إسماعيل هنيه لتشكيل الحكومة لم يخرج عن ما تم التوافق عليه من احترام الحكومة الفلسطينية لكافة الاتفاقات التي عقدتها السلطة الفلسطينية مع الجانب الإسرائيلي لكن إسرائيل ومعها الدول الراعية لعملية السلام تحفظت على اتفاق مكة لتعارض الاتفاق وتوجهات إسرائيل لترسيخ الانقسام الذي يحقق هدفها في فلسطنة الصراع ويمكنها من تنفيذ مخططها التهويدي والاستيطاني وهو ما يؤكده الواقع اليوم حيث تسعى حكومة الاحتلال برئاسة نتنياهو لضم أجزاء من الضفة الغربية بعد أن ضمنت سيطرتها على القدس واعتراف الرئيس ترامب في القدس عاصمة للكيان الصهيوني
أمام كل الوقائع والمستجدات باتت عملية المصالحة وإنهاء الانقسام مطلب شعبي وتتطلب أراده سياسيه وسيادية في اتخاذ القرار بعيدا عن الضغوط الممارسة وتهدف جميعها لعرقلة إتمام المصالحة وبسببها تم إفشال اتفاق الجزائر.
كل المؤشرات والدلائل تشير إلى إمكانية أن يستحوذ الملف الفلسطيني اهتمام الأمير محمد ابن سلمان ولي العهد السعودي بعد النجاحات التي تحققت بإنهاء الصراع مع إيران وعودة العلاقات بين البلدين وعودة سوريا للجامعة العربية وهدنة اليمن التي تقود لإنهاء الحرب وما تحقق من نتائج في قمة الرياض وجميعها دفعت الرياض لتكون من أهم المحاور العربية والإقليمية وصاحبة القول الفصل في السياسة العربية والإقليمية .
هذا ما قد يدفعها للاهتمام والاستحواذ على ملف المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام، ووفق محللين ومتابعين على صعيد العلاقات التي تربط السعودية مع حماس ، تكشف أوراق حزمة الاتصالات الأخيرة ومسئولين بارزين تابعين لمكتب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع حركة حماس التي تتطور اتصالاتها مع الجانب السعودي.
في أوساط حركة فتح في بعض التفاصيل بان الجانب السعودي يطور اتصالاته مع بعض القياديين البارزين في حركة حماس تحديدا لأغراض مرتبطة بتفصيلات واحتياجات الاستدارة السعودية الكبيرة والمنفتحة على كل الأطراف والتي بدأت بالاتفاق المهم والاستراتيجي مع الجمهورية الإيرانية. ونشرت مؤخرا صورا لبعض قادة حماس وهم على جبل عرفات في إطار دعوة للقيام بمناسك الحج كانت قد تقدّمت بها الحركة.
وكان وفد قيادي رفيع المستوى من حركة حماس قد تمت استضافته أيضا في نهاية شهر رمضان الماضي إلى تنفيذ عمرة تخللها طقوس العمرة ومناسكها بنكهة سياسية وبعض المصارحات وتبادل الملاحظات مع مسئولين رفيعي المستوى في المنظومة الأمنية السعودية وفي مكتب ولي العهد كما تم تسريبه من بعض المصادر.
وفي التفاصيل ان مسئولين سعوديين قدّموا سؤالا مباشرا لقادة حركة حماس في شهر رمضان الماضي عن احتياجاتهم وما الذي يطلبونه من السعودية.
وكان الجواب بعد تقديم الشكر والامتنان على تلبية متأخرة لدعوة العمرة هو الحاجة لتلبية الاتصالات بما يعود بالخير على الأمة العربية وعلى الشعب الفلسطيني وتثبيت حقوقه وبنفس الوقت التركيز على ملف السجناء والمحكومين الذين اتهموا بالانتماء إلى حركة حماس أو التعاطف معها في السجون السعودية.
وهؤلاء خرج منهم عدد كبير ويعتقد بان العدد الاكبر من هؤلاء بصدد إعداد مذكرات قانونية لتأمين الإفراج عنهم بعد عيد الأضحى.
ويبدو واضحا للمراقبين والمتابعين بأن الاتصالات بين حماس والسعودية تتطور، لكن باتجاهات محسوبة وفي نفس السياق تتطور مستويات الاتصالات السعودية أيضا مع مسئولين بارزين في السلطة الفلسطينية وفي مقاطعة الرئيس محمود عباس في رام الله.
ومن المبكر القول بأن السعودية لديها تصور جديد بخصوص الملف الفلسطيني أو قد يتطور هذا التصور لاحقا باتجاه التقدم بمبادرة تدعم المصالحة الفلسطينية.
وهو موضوع قابل للنقاش وتم التلميح اليه عمليا ويرى بعض الخبراء بأن السعودية اذا ما أدارت اتصالاتها مع الفرقاء الفلسطينيين بطريقة متزنة ومتسعة خلال الأسابيع القليلة المقبلة وبالتنسيق مع دولة مثل مصر يمكنها ان تبلور بعض المقترحات على صعيد المصالحة الفلسطينية.
ويمكنها أن تقدم مساهمة بدعم وإسناد أمريكي طبعا في البعد المالي والاقتصادي والمعيشي المرتبط ببرنامج خفض تصعيد والتوتر في الأراضي الفلسطينية المحتلة وهو البرنامج الذي يحتل الأولوية التامة بالنسبة لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن.
ومن المرجح في هذه المسارات أن بعض المفاجآت السعودية يمكن أن تسجل في الطريق خلال الأسابيع القليلة المقبلة على صعيد التقدم بخطوات منضبطة وملموسة باتجاه الاهتمام مجددا في القضية الفلسطينية.
أن أي مصالحة بين القوى و الفصائل الفلسطينية تعتمد على الفلسطينيين أنفسهم والأهم أن يكون هناك نوايا صادقة بين الفلسطينيين أنفسهم واستيعاب الدروس الماضية والقدرة على ترجمة حقيقية لاتفاق مكة 2 (المحتمل)"،
لا بد من فهم الواقع السياسي الجديد مع الأخذ بالأبعاد للتغيرات الدولية واستيعاب المتغيرات التي تحدث في المنطقة والعالم ففي 2007 كانت ظروف المصالحة مختلفة عن الآن حيث هناك مستجدات مختلفة". وهذا يتطلب من كل القوى والفصائل تحمل مسؤوليتهم لمواجهة الاحتلال ومخططاته من بوابة تحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام.
تصميم وتطوير: ماسترويب 2016 |