
يشهد قطاع الذكاء الاصطناعي توسعاً متسارعاً في مجال رعاية كبار السن، مع بروز شركات ناشئة تسعى إلى مواجهة إحدى أكثر الأزمات انتشاراً في هذه الفئة العمرية: الوحدة والعزلة الاجتماعية. ووفقاً لدراسة صادرة عن شركة «ريسيرش أند ماركتس»، بلغ حجم سوق الذكاء الاصطناعي المخصص لرعاية المسنين نحو 35 مليار دولار العام الماضي، ومن المتوقع أن يتجاوز 43 مليار دولار خلال العام الجاري.
ضمن هذا السياق، تأسست شركة «ميلا» عام 2024، لتقديم خدمات محادثة شخصية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وتُسوَّق بوصفها «رفيقاً رقمياً شبيهاً بالأصدقاء». وباشتراك شهري يقارب 40 دولاراً، يستطيع أفراد العائلة ترتيب مكالمات هاتفية منتظمة مع أقاربهم المسنين في أوقات محددة من اليوم. وتُصمَّم هذه المحادثات بناءً على سلسلة أسئلة أولية تتعلق بتاريخ حياة المستخدم واهتماماته وتفضيلاته، فيما تحرص «ميلا» على توضيح هويتها كرفيق ذكاء اصطناعي في بداية كل اتصال، تفادياً لأي التباس.
من جهتها، تطوّر شركة «إن تاتش» الناشئة، ومقرّها براغ، حلولاً مشابهة عبر روبوت الدردشة «ماري»، الذي يُتاح مقابل 29 دولاراً شهرياً. ويعتمد الروبوت على قاعدة بيانات تضم نحو 1400 سؤال مُعدّ مسبقاً، تهدف إلى تشجيع كبار السن على استعادة ذكريات طفولتهم والتحدّث عن هواياتهم وتجاربهم الشخصية. كما يعيد «ماري» طرح مواضيع سبق تداولها في محادثات سابقة، في محاولة لدعم الذاكرة والحدّ من التدهور المعرفي.
وتأتي هذه الابتكارات في وقت تتفاقم فيه أزمة الوحدة بين كبار السن. إذ أظهرت دراسة نُشرت في مجلة الجمعية الطبية الأميركية أن قرابة ثلث البالغين في الولايات المتحدة، ممن تتراوح أعمارهم بين 50 و80 عاماً، يعانون الشعور بالعزلة. وترتبط هذه العزلة بارتفاع مخاطر الإصابة بالاكتئاب والقلق وأمراض القلب، في ظل نظام رعاية صحية غير مهيأ بالكامل لمواجهة هذا التحدي، حيث تعاني نحو 90% من دور رعاية المسنين من نقص في أعداد الموظفين، ما ينعكس سلباً على مستوى الرعاية الشخصية المقدّمة.
وفي هذا الإطار، نقلت مجلة «فوربس» عن اختصاصية علم الشيخوخة بي وو أن توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي بوصفها دعماً مكمّلاً، لا بديلاً، لمقدّمي الرعاية البشرية، يمكن أن يساهم في تحسين الصحة الإدراكية لكبار السن، عبر تحفيز نشاط الدماغ وتوفير قدر من الدعم العاطفي. لكنها في المقابل حذّرت من مخاطر محتملة، من بينها الإفراط في استخدام هذه التقنيات من قبل أشخاص يعانون ضعفاً إدراكياً، والاعتماد المفرط عليها، فضلاً عن المخاوف المتعلقة بخصوصية البيانات وحمايتها.
وبين الفرص الواعدة والتحديات الأخلاقية، يبدو أن الذكاء الاصطناعي بات لاعباً جديداً في معركة كبار السن ضد الوحدة، في وقت لا يزال فيه الجدل قائماً حول حدوده ودوره الأمثل في رعاية الإنسان.
أخبار فلسطينية
أخبار فلسطينية
أخبار فلسطينية
|
تصميم وتطوير: ماسترويب 2016 |