
أطلقت وكالات استخبارات وخبراء في الأمن القومي تحذيرات متصاعدة من خطر وقوع تقنيات الذكاء الاصطناعي في أيدي جماعات مسلحة ومتطرفة، معتبرين أن هذه الأدوات قد تُحدث نقلة نوعية في أساليب التجنيد، والدعاية، والهجمات السيبرانية، وصولًا إلى تهديدات أكثر خطورة تمسّ الأمن العالمي.
وبحسب تقرير لوكالة أسوشيتد برس، يرى خبراء أن تنظيم “داعش”، الذي سبق أن استغل منصات التواصل الاجتماعي بفاعلية في التجنيد ونشر الدعاية، بدأ بالفعل اختبار استخدام الذكاء الاصطناعي ضمن أنشطته، في مسعى لتوسيع قدراته رغم محدودية موارده.
وفي مؤشر مقلق، دعا شخص نشر مؤخرًا على موقع إلكتروني مؤيد للتنظيم أنصار داعش إلى دمج الذكاء الاصطناعي في عملياتهم، وكتب باللغة الإنجليزية: “من أفضل ما يميز الذكاء الاصطناعي هو سهولة استخدامه”، ما أثار مخاوف أجهزة الاستخبارات من تسارع هذا التوجه.
وتخشى بعض الأجهزة الأمنية، وفق التقرير، من أن يتحول الذكاء الاصطناعي إلى أداة مركزية في تجنيد المتطرفين وتحويل أوهامهم إلى واقع عملي، عبر إنتاج محتوى دعائي وصور ومقاطع فيديو مزيفة على نطاق واسع يصعب تمييزها عن الحقيقة.
وقال جون لاليبيرت، الباحث السابق في وكالة الأمن القومي الأميركية والرئيس التنفيذي الحالي لشركة “كلير فيكتور” للأمن السيبراني
: “بالنسبة لأي خصم، يجعل الذكاء الاصطناعي تنفيذ الأمور أسهل بكثير. حتى مجموعة صغيرة لا تملك الكثير من المال يمكنها إحداث تأثير واسع وخطير”.
وبدأت الجماعات المسلحة، منذ ظهور أدوات مثل “شات جي بي تي”، في استكشاف إمكانات الذكاء الاصطناعي، لكن الأشهر الأخيرة شهدت تسارعًا ملحوظًا في استخدامه لإنتاج محتوى أكثر واقعية وإقناعًا، مستفيدة من خوارزميات منصات التواصل الاجتماعي لنشره وتضخيمه.
وأشار التقرير إلى أن مقاطع دعائية مُنشأة بالذكاء الاصطناعي انتشرت على نطاق واسع عقب هجوم تبناه تنظيم داعش العام الماضي على قاعة حفلات في روسيا، وأسفر عن مقتل 140 شخصًا، في محاولة واضحة لاستقطاب مجندين جدد وبث الرعب.
من جانبه، قال ماركوس فاولر، العميل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) والرئيس التنفيذي لشركة “دارك تريس فيدرال” للأمن السيبراني، إن الجماعات المتطرفة لا تزال متأخرة تقنيًا مقارنة بدول مثل الصين وروسيا وإيران، لكنه حذّر من قدرتها على التعلم السريع. وأضاف: “داعش دخل مبكرًا إلى تويتر ووجد طرقًا لاستخدام وسائل التواصل لصالحه، وهو دائمًا يبحث عن الشيء التالي ليضيفه إلى ترسانته”.
ولا يقتصر الخطر على الدعاية والتجنيد، إذ يستخدم قراصنة الإنترنت بالفعل تقنيات الصوت والفيديو الاصطناعي في عمليات تصيد احتيالي، ينتحلون فيها صفة مسؤولين كبار في شركات أو حكومات لاختراق شبكات حساسة. كما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُستخدم في كتابة برمجيات خبيثة وأتمتة الهجمات السيبرانية.
والأكثر إثارة للقلق، وفق التقرير، هو احتمال لجوء جماعات مسلحة إلى الذكاء الاصطناعي للمساعدة في تطوير أسلحة بيولوجية أو كيميائية، لتعويض نقص الخبرة التقنية، وهو خطر أدرجته وزارة الأمن الداخلي الأميركية في أحدث تقييم للتهديدات الداخلية هذا العام.
في المقابل، تحرك مشرعون أميركيون لمواجهة هذا التهديد المتصاعد، حيث طرح السناتور مارك وارنر، كبير الديمقراطيين في لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، مقترحًا لتسهيل تبادل المعلومات بين مطوري الذكاء الاصطناعي حول كيفية استغلال منتجاتهم من قبل جهات سيئة، سواء كانت جماعات متطرفة أو قراصنة أو أجهزة تجسس.
وخلال جلسات استماع حديثة في الكونغرس، تبيّن أن تنظيمي داعش والقاعدة عقدا ورشات تدريبية لمساعدة أتباعهما على تعلم استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي. كما أقرّ مجلس النواب الشهر الماضي تشريعًا يلزم وزارة الأمن الداخلي بإجراء تقييم سنوي لمخاطر الذكاء الاصطناعي التي قد تشكلها هذه الجماعات.
وتخلص التقارير الاستخباراتية إلى أن الذكاء الاصطناعي، رغم فوائده الهائلة، بات يمثل سلاحًا ذا حدين، وأن سوء استخدامه من قبل الجماعات المسلحة قد يفتح فصلاً جديدًا وأكثر خطورة في مشهد التهديدات الأمنية العالمية.
أخبار فلسطينية
أخبار الاقتصاد
أخبار فلسطينية
أخبار محلية
أخبار فلسطينية
|
تصميم وتطوير: ماسترويب 2016 |