
يواجه ثمانية نشطاء مؤيدين لفلسطين خطر الموت داخل السجون البريطانية، بعد دخولهم في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجًا على استمرار احتجازهم منذ أكثر من عام من دون محاكمة، في قضية أثارت موجة قلق سياسي وحقوقي متصاعدة داخل بريطانيا وخارجها.
وفجر الأربعاء، أطلقت النائبة البريطانية زارا سلطانة نداء استغاثة عاجلًا عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، أعلنت فيه توجهها إلى سجن برونزفيلد في مقاطعة ساري جنوب لندن، بعد تدهور خطير في الحالة الصحية للمعتقلة قُصر زهرة، إحدى المضربات عن الطعام، التي دخلت يومها السادس والأربعين من الإضراب.
وقالت سلطانة إن زهرة «في حالة حرجة للغاية وتواجه خطر الموت الفوري»، مشيرة إلى أن إدارة السجن ترفض السماح بنقلها في سيارة إسعاف إلى المستشفى رغم خطورة وضعها الصحي. وأضافت أنها تواصلت مع وزير العدل ديفيد لامي ووزير الصحة ويس ستريتنغ من دون أن تتلقى أي رد، مؤكدة أنها لن تغادر محيط السجن قبل السماح بدخول الإسعاف والإفراج الفوري بكفالة عن جميع المعتقلين.
وينتمي المضربون الثمانية إلى مجموعة نشطاء عُرفت باسم «فيلتون 24»، اعتُقل أفرادها على خلفية أنشطة مرتبطة بحركة «فلسطين أكشن»، التي حظرتها الحكومة البريطانية وصادق مجلس العموم على قرار حظرها في تموز/يوليو الماضي. ويواجه هؤلاء اتهامات تتعلق بإتلاف ممتلكات، على خلفية اقتحام مصنع أسلحة إسرائيلي تابع لشركة «إلبيت سيستمز» في مدينة بريستول العام الماضي.
ورغم بدء محاكمة بعض المتهمين، لا يزال معظم المعتقلين رهن الاحتجاز منذ أكثر من عام، مع احتمال بقائهم في السجن لعامين إضافيين قبل المثول أمام المحكمة، في ما يؤكد نشطاء حقوقيون أنه تجاوز للحد القانوني الأقصى للتوقيف الاحتياطي، والمحدد بستة أشهر، خصوصًا أن المعتقلين يستوفون – بحسب محاميهم – شروط الإفراج بكفالة.
وعادت زارا سلطانة لاحقًا لنشر مقطع فيديو يوثّق محادثة بينها وبين إدارة سجن برونزفيلد، تطالبهم فيه بالسماح بدخول سيارة إسعاف، إلا أن طلبها قوبل بالرفض، رغم انضمام محتجين آخرين إليها أمام السجن.
في المقابل، نقلت هيئة الإذاعة البريطانية عن متحدث باسم سجن برونزفيلد قوله إن الإدارة لا تستطيع التعليق على حالات فردية، لكنها شددت على أن جميع السجناء يتمتعون بإمكانية الوصول الكامل إلى الرعاية الصحية، بما في ذلك التحويل إلى مرافق طبية خارجية عند الحاجة، مؤكدة أن أي سجين مضرب عن الطعام يخضع لتقييمات طبية منتظمة ويتلقى دعمًا صحيًا ونفسيًا.
غير أن هذه التأكيدات قوبلت بتشكيك واسع من محامين ونواب، إذ بعث محامون يمثلون المضربين رسالة عاجلة إلى وزير العدل حذروا فيها من «احتمال حقيقي ومتزايد» لوفاة موكليهم داخل السجن نتيجة الإضراب.
وفي السياق نفسه، وجّه النائب البريطاني المستقل جيرمي كوربين رسالة طارئة إلى وزير العدل، طالب فيها بتدخل فوري لإنقاذ حياة المضربين، مشددًا على أنهم محتجزون من دون إدانة في أي جريمة. وانتقد كوربين رفض وزارة العدل طلبًا وقّعه 51 نائبًا وعضوًا في مجلس اللوردات للقاء ممثلي المضربين، واصفًا هذا الرفض بأنه يتناقض مع إرشادات الوزارة نفسها.
وأشار كوربين إلى أن إدارة سجن برونزفيلد تأخرت عشرة أيام في الاعتراف رسميًا ببدء الإضراب، ما حرم أحد السجناء من التقييم الطبي الأولي المنصوص عليه، كما حُرم مضرب آخر من موعد أساسي مع طبيب عام في الأسبوع السابع من إضرابه. وتحدث عن نقص متكرر في الأدوية والمكمّلات الأساسية داخل السجن، بما في ذلك المسكنات والإلكتروليتات والفيتامينات.
وفي مداخلة له داخل مجلس العموم، قال كوربين إنه سأل رئيس الوزراء كير ستارمر عمّا إذا كانت وزارة العدل ستلتقي بممثلي السجناء المضربين، فجاء رد ستارمر بالتأكيد على وجود «قواعد وإرشادات» تنظم التعامل مع إضرابات الجوع. ووصف كوربين هذا الرد بأنه «متعجرف ومُشين»، ويعكس «افتقارًا للإنسانية تجاه أشخاص يواجهون خطر الموت».
وبحسب تعريف نشرته حملة «أطلقوا سراح الفيلتون 24»، فإن قُصر زهرة محتجزة كسجينة سياسية منذ قرابة عام، بعدما داهمت قوات الأمن منزلها فجرًا في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر 2024، حين كانت في التاسعة عشرة من عمرها. وهي طالبة جامعية في كلية لندن الجامعية، تدرس العلوم الاجتماعية، وناشطة مهتمة بقضايا التاريخ والسياسة والتحرر العالمي.
وتطالب عريضة برلمانية، تجاوز عدد موقعيها خمسين نائبًا حتى الآن، وزيرَ العدل البريطاني بالتدخل العاجل لضمان معاملة المعتقلين بكرامة واحترام حقوقهم الأساسية، مؤكدة أن الإضراب عن الطعام جاء بعد استنفاد جميع وسائل الاحتجاج القانونية الأخرى.
ومع استمرار تجاهل المطالب الحقوقية، تتصاعد التحذيرات من أن الإضراب قد يتحول إلى مأساة إنسانية داخل السجون البريطانية، في قضية باتت تختبر التزام الحكومة المعلن بحقوق الإنسان وسيادة القانون.
أخبار فلسطينية
أخبار فلسطينية
أخبار الاقتصاد
أخبار اسرائيلية
أخبار محلية
|
تصميم وتطوير: ماسترويب 2016 |