تلفزيون نابلس
كوكا كولا
باحث إسرائيلي بارز يحذّر: إسرائيل تحارب بلا رؤية وتغرق في أوهام القوة
12/22/2025 11:23:00 AM

 انتقد الباحث الإسرائيلي في الشؤون الفلسطينية، والجنرال في الاحتياط، ميخائيل ميليشتاين، بشدة أداء القيادة الإسرائيلية، مؤكدًا أن إسرائيل تعمل من دون إستراتيجية واضحة، وتفشل في التمييز بين العدو والصديق، في ظل هيمنة غير مسبوقة للاعتبارات السياسية على قراراتها العسكرية والدبلوماسية.

وفي مقال نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، قال ميليشتاين، وهو رئيس سابق لدائرة الأبحاث في الاستخبارات العسكرية ومحاضر في جامعة تل أبيب، إن الاعتبارات السياسية لطالما رافقت حروب إسرائيل وتسوياتها، إلا أن الحرب الأخيرة «حطمت أرقامًا قياسية»، إذ بات تأثير السياسة لا يقتصر على تحديد الأهداف ومدة القتال، بل يمتد إلى القدرة ذاتها على فهم البيئة الإقليمية وتمييز الخصوم عن الحلفاء.

وأوضح أن هذا الخلل يظهر بوضوح في القضية الفلسطينية، المتجذرة بعمق في الخطاب السياسي الإسرائيلي والمشبعة برؤى أيديولوجية، مقارنة بملفات أخرى يسودها إجماع نسبي داخل إسرائيل، مثل الصراع مع حزب الله وإيران.

وأشار ميليشتاين إلى أنه في ظل غياب إستراتيجية منظمة، يُنظر إلى كل من ينتقد إسرائيل تلقائيًا باعتباره عدوًا، بينما يُعدّ كل من يعارض منتقديها حليفًا، حتى وإن لم تكن له علاقة مباشرة بها. واعتبر أن هذه المقاربة تُنتج سياسة «مرتبكة ومتناقضة»، تُصاغ وفق احتياجات آنية أو بصورة اعتباطية، من دون بوصلة واضحة.

وأضاف أن دولًا أوروبية اعترفت بالدولة الفلسطينية باتت تُصنَّف تلقائيًا في خانة «العداء»، وتُتهم بمعاداة السامية أو بالخضوع للإسلام، في حين تُبنى علاقات مع جهات يمينية متطرفة في أوروبا من دون فحص جدي لخلفياتها الأيديولوجية أو ماضيها السياسي.

وضرب ميليشتاين مثالًا على هذا الارتباك في التعامل مع قطر، التي تُعرّف رسميًا كدولة «مركّبة»، قبل أن تُنفّذ غارة إسرائيلية على أراضيها، وكذلك في تصوير الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي لعب دورًا حاسمًا في منع توسع الحرب في بدايتها، على أنه «طرف معادٍ».

وانتقد ميليشتاين حكومة الاحتلال، معتبرًا أنها تعمل ضمن هامش مناورة ضيق، محصور بين ضغوط أحزاب اليمين المتطرف والخطوط الحمراء التي تفرضها واشنطن. وبدلًا من بلورة عقيدة أمنية متماسكة تستند إلى تحقيق نقدي عميق في أحداث السابع من أكتوبر، يسود – بحسبه – نمط «إدارة أزمة» يعتمد على القوة العسكرية واحتلال الأراضي، مع السخرية من أي دعوة إلى التفكير الإستراتيجي.

وفيما يتعلق بغزة، رأى ميليشتاين أن إسرائيل تطرح تصورات «طوباوية» لليوم التالي، تقوم على استبعاد كل من السلطة الفلسطينية وحركة «حماس»، ونزع السلاح بالكامل، وإزالة «التطرف»، ما أدى عمليًا إلى تقليص دورها في صياغة مستقبل القطاع. واستشهد بعدم دعوة إسرائيل إلى اجتماع دولي ناقش تشكيل قوة متعددة الجنسيات في غزة، بمشاركة تركيا وقطر، وهما دولتان ترفض إسرائيل تعاظم نفوذهما في المنطقة.

واعتبر الباحث الإسرائيلي أن الفراغ الناتج عن غياب الإستراتيجية تملؤه اليوم قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي بات – وفق تعبيره – يتخذ قرارات مصيرية نيابة عن إسرائيل، لا سيما في ما يتعلق بإنهاء الحرب في غزة، والحفاظ على وقف إطلاق النار، والدفع نحو المرحلة الثانية من الاتفاق، رغم الخلافات العميقة مع «حماس».

كما أشار إلى فجوات متزايدة بين إسرائيل والولايات المتحدة في ملفات إقليمية أخرى، تشمل سوريا ولبنان، والعلاقات مع تركيا، وتوقيع اتفاق دفاعي إستراتيجي بين واشنطن والدوحة بعد وقت قصير من غارة إسرائيلية فاشلة على قطر، أعقبها اعتذار رسمي من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.

واستحضر ميليشتاين مقولة وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر: «إسرائيل ليس لديها سياسة خارجية بل سياسة داخلية»، معتبرًا أن ما يجري منذ السابع من أكتوبر يمثل تصعيدًا خطيرًا لهذه الظاهرة، ويُلحق ضررًا إستراتيجيًا بصورة إسرائيل كدولة تدّعي التصرف بعقلانية وحكمة.

وفي سياق متصل، أشارت «يديعوت أحرونوت» إلى أن إسرائيل تتعمد إعاقة التقدم نحو المرحلة الثانية من اتفاق غزة، فيما نقلت صحيفة «هآرتس» عن صور أقمار صناعية تؤكد أن جيش الاحتلال يواصل هدم منازل الفلسطينيين داخل المناطق الخاضعة لسيطرته في القطاع، في وقت تتصاعد فيه الانتقادات الداخلية والخارجية لغياب رؤية سياسية وأمنية واضحة.

 


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة