9/16/2025 9:30:00 AM
قالت صحيفة إن الصدمات النفسية تفتك بالجيش الإسرائيلي وإن الأدلة تكذب مزاعم القيادة العسكرية، وتشير إلى أن آلاف الجنود النظاميين تركوا الخدمة بسببها منذ بداية الحرب في قطاع غزة.
ونشرت الصحيفة تحقيقا مطولا استغرق أشهرا روى جنود فيه تجاربهم مع الضغط النفسي الرهيب الذي سلطته الحرب، ما اضطرهم إلى ترك الخدمة بسبب الإرهاق، وفي أحيان قليلة نسبيا بسبب صحوة الضمير.
الشهادات لا تشي بأعداد هامشية، وإنما بألوف سرحوا من الخدمة النظامية.
روى جندي في لواء ناحال كيف أنه أخذ في أحد الأيام يطلق وابلا من الرصاص بعدما اعتقد رفيق له بوقوع هجوم، ليتبين أن "العدو" امرأة وطفلاها البالغان من العمر ثماني إلى عشر سنوات، لقوا مصرعهم جميعا.
وقال يوني "كان الدم يملأ المكان .. شعرت برغبة في التقيؤ، لكن الضابط قال لي ببرود، كما لو أن الأمر لا يتعلق ببشر: لقد دخلوا المنطقة المحرمة. إنه خطؤهم. هكذا هي الحرب".
وأضاف يوني "ما زالت ملامحهم تقض مضجعي. لا أدري إن كنت سأستطيع يوما نسيانهم".
تحدثت الصحيفة إلى العديد من الجنود النظاميين ممن شعروا أنهم لم يعودوا قادرين على أداء أدوار قتالية، وعزوا ذلك إلى الإرهاق أو إلى الضغط النفسي.
لكن بعضهم قال أيضا، إن ضميره لم يعد يقبل ما يجري.
وقالت الصحيفة الإسرائيلية، إن الشهادات لا تشي بأعداد هامشية، وإنما -حسب مصادر في إدارة الموارد البشرية- بألوف سرحوا من الخدمة النظامية.
وحسب ضباط آخرين تحدثوا إلى الصحيفة، فإن عدد من يعاني اضطرابات نفسية أكبر مما يعلنه الجيش.
وقال ضابط في كتيبة مشاة، إن عشرات الجنود على مستوى وحدته، يريدون ترك القتال، و"رغم أن الظاهرة ليست جديدة فإنها لم تكن أبدا بهذا الأبعاد".
وروى بيني كيف أن الجيش يرسم خطا وهميا لا يعرفه إلا هو، ويطلق النار على كل من يتجاوزه، وكأنها "لعبة قط وفأر" مع السكان.
وقال: "أطلق خمسين إلى ستين رصاصة في اليوم. توقفت عن العد، ولا أعرف كم قتلت. قتلت منهم كثيرا .. كثيرا من الأطفال".
ورغم أن بيني لم يرغب في أحيان كثيرة في إطلاق النار -كما يزعم- فإنه كان يشعر أنه لا يملك قراره.
يسعى بيني جاهدا لترك الجيش فـ"أأنا لا أستطيع البقاء ولو دقيقة أخرى .. فعلتُ ما فعلت لأنني اعتقدت أنني أحمي أصدقائي وأهلي، لكن ذلك كان خطأ".
يروي جندي آخر اسمه آهارون المشاعر التي انتابته، وهو يسير بين الخراب الواسع في بيت حانون حيث "لم تعد تُرى إلا قطعان الكلاب".
وقال آهارون إنه بات يرتعب لأي صوت ولو كان صراخ طفل بسبب الصدمة النفسية التي أحدثها انفجار وقع في إحدى العمليات.
لم يستسلم آهارون وألح في طلب الانتقال، وهو ما حدث بعد أسبوعين حيث أُلحق بقسم الدعم النفسي.
يتلكأ الجيش في الإفراج عن البيانات المتعلقة بالجنود النظاميين الذين لم يعودوا قادرين على القتال، لكن "حتى عندما يقدمون بيانات من هذا القبيل، فإنهم يتلاعبون بها".
وقال هذا الضابط "لا نجهل حجم الظاهرة فحسب لكن أيضا أسلوب تعاملهم معها".
ورغم أن الضباط ملزمون بتطبيق تعليمات قسم الصحة حين يقرر القسم أن جنديا ما لم يعد قادرا على أداء مهام قتالية، فإن القرار متروك لتقدير كل ضابط في الحالات الأخرى.
تقول هآرتس إن كثيرا من القضايا المماثلة لا تبلغ الرأي العام أصلا، كما حال 23 جنديا نظاميا حوكموا في الأشهر الأخيرة بسبب رفضهم الالتحاق بساحة القتال في غزة.
وقد وثقت هآرتس ست محاولات العام الماضي وحده، وفي جميعها انتهى الأمر بتسريح الجندي.
ويرفض الجيش الإسرائيلي كشف العدد الحقيقي لمحاولات الانتحار.
كما يبقى مجهولا أيضا عدد العسكريين الذين سرحوا من الخدمة منذ بدء الحرب بعدما شخصت لديهم أعراض ما بعد الصدمة.