
وحّد الحكم القضائي الجديد الصادر بحق زعيمة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي، أطياف المعارضة التونسية بمختلف توجهاتها السياسية والحقوقية، بعدما ندّدت به بوصفه خطوة خطيرة نحو استخدام القضاء أداة لتصفية الخصوم السياسيين وتكميم الأصوات المعارضة.
وأصدرت المحكمة الابتدائية في العاصمة تونس حكماً بسجن موسي لمدة 12 عاماً، على خلفية ما عُرف بـ“قضية مكتب الضبط”، بتهم تتعلق بـ“الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة وحمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضاً بالسلاح وإثارة الهرج والقتل والسلب على التراب التونسي”.
وتعود فصول القضية إلى عام 2023، حين جرى اعتقال موسي عقب تقدمها إلى مكتب الضبط التابع لرئاسة الجمهورية بطعن قانوني ضد الأوامر الرئاسية المتعلقة بالانتخابات المحلية والتقسيم الترابي الجديد للبلاد، في خطوة اعتبرها أنصارها ممارسة مشروعة لحقها السياسي والقانوني.
ويُعد هذا الحكم الثاني بالسجن ضد موسي، إذ سبق أن قضت المحكمة بسجنها عامين استناداً إلى المرسوم 54 المتعلق بالجرائم الإلكترونية، إثر شكوى تقدمت بها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتهمة “ترويج أخبار كاذبة”.
وفي ردود فعل واسعة، أدانت جبهة الخلاص الوطني، أكبر تكتل معارض في تونس، الحكم الجديد، واعتبرته “تجسيداً متجدداً لوضع يد السلطة التنفيذية على القضاء وتحويله إلى وظيفة تصدر أحكاماً قاسية هدفها إقصاء خصم سياسي”، داعية إلى توحيد الجهود لوقف ما وصفته بـ“تجريف الحياة السياسية وتفكيك مؤسسات المجتمع المدني”.
بدوره، كتب الوزير السابق مبروك كرشيد أن “سجن عبير موسي لمدة 12 سنة من أجل جناية وهمية يمثل مثالاً صارخاً على انهيار القيم القضائية”، فيما اعتبرت المحامية هيفاء الشابي، عضو هيئة الدفاع عن معتقلي قضية التآمر على أمن الدولة، أن الحكم يؤكد تحول المحاكم إلى “أداة لتصفية المعارضة”، مؤكدة أن “لا عدالة في بلد يُعاقَب فيه كل من يجرؤ على إبداء رأي مخالف”.
ومن جانبه، شدد وسام الصغير، الناطق باسم الحزب الجمهوري، على أن الخلاف السياسي مع موسي لا يبرر الصمت أو الشماتة إزاء أحكام وصفها بالجائرة، قائلاً إن “الحقوق والحريات لا تتجزأ، وقبول الظلم الواقع على الخصوم يمنح الشرعية لظلم قد يطال الجميع”، محذراً من أن ما يحدث اليوم قد يطال غداً أي صوت معارض آخر.
كما أدانت جمعية “تقاطع من أجل الحقوق والحريات” حكم السجن، معتبرة أنه يأتي ضمن “سلسلة من المحاكمات المرتبطة بأنشطة وتصريحات سياسية في مناخ يتسم بتصاعد ملاحقة الأصوات المعارضة”، وأعلنت مساندتها الكاملة لعبير موسي وعائلتها، مطالبة برفع ما وصفته بـ“المظلمة المسلطة عليها”.
وأكدت الجمعية أن ما قامت به موسي يندرج ضمن حقها في النشاط السياسي وحرية الرأي والتعبير المكفولة دستورياً، والتي تحميها الاتفاقيات الدولية والإقليمية، محذّرة من أن تواصل هذه المحاكمات يعكس سياسة ممنهجة لتكميم الأفواه وترهيب المواطنين، وإعادة البلاد إلى مربع الاستبداد.
ودعت الجمعية، إلى جانب قوى مدنية وسياسية أخرى، إلى التحرك العاجل والوقوف صفاً واحداً للدفاع عن حرية الرأي والتعبير، والتصدي للمحاكمات التي تستهدف المعارضين، وعلى رأسهم عبير موسي.
وفي رسالة بعثت بها من داخل سجنها، اتهمت موسي السلطات التونسية بـ“التنكيل” بها، مؤكدة أنها حُرمت من حقها في التعبير والترشح للانتخابات الرئاسية، فيما جدد حزبها الدستوري الحر تحذيراته من محاولات “تصفية سياسية وجسدية” تتعرض لها داخل السجن، بعد رفض القضاء الطعن المقدم من هيئة دفاعها في قضية “مكتب الضبط”.
أخبار فلسطينية
أخبار الاقتصاد
أخبار فلسطينية
أخبار دولية
أخبار فلسطينية
|
تصميم وتطوير: ماسترويب 2016 |