كشف وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي عن تعرض القاهرة خلال الفترة الماضية لضغوط سياسية وعروض مالية ضخمة، في إطار محاولات تمرير مخطط تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، مؤكداً أن مصر رفضت بشكل قاطع أي مقايضة تمس الحقوق الفلسطينية أو الأمن القومي المصري.

وأوضح عبد العاطي، في لقاء تلفزيوني، أن بعض العروض التي قُدمت لمصر شملت إسقاط ديون مالية كبيرة، إلى جانب حوافز اقتصادية مغرية، مقابل القبول بترتيبات تتعلق بتهجير الفلسطينيين، إلا أن القاهرة تعاملت مع هذه الضغوط بمنطق القانون الدولي والشرعية الدولية، ورفضت كل الطروحات التي تمثل خروجاً على هذه القواعد.

وأكد وزير الخارجية أن الموقف المصري ثابت وواضح أمام جميع الأطراف، بما في ذلك الجانب الإسرائيلي، مشيراً إلى أن عقوداً من العلاقات الدبلوماسية أرست فهماً متبادلاً للخطوط الحمراء التي لا يمكن لمصر تجاوزها، وعلى رأسها رفض تهجير الفلسطينيين أو المساس بحقوقهم التاريخية.

وفي ما يتعلق بالوضع الإنساني في قطاع غزة، شدد عبد العاطي على أن إسرائيل، بصفتها قوة احتلال، تتحمل المسؤولية القانونية الكاملة عن فتح المعابر وضمان دخول المساعدات الإنسانية، متهماً تل أبيب بالتنصل من التزاماتها الدولية. وحذّر من أن التخلي عن منظومة القانون الدولي سيقود العالم إلى الفوضى ومنطق «قانون الغابة».

وتطرّق الوزير إلى ملف معبر رفح، مؤكداً رفض مصر تشغيله من طرف واحد، ومشدداً على أن أي حديث عن تقسيم قطاع غزة أو فرض مسارات وحدود جديدة هو أمر مرفوض تماماً. كما أشار إلى وجود قناعة متزايدة لدى الإدارة الأميركية بضرورة الانتقال السريع إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، في ظل استمرار الجهود المصرية للدفع نحو تسوية عادلة وشاملة.

وفي ملف الطاقة، نفى عبد العاطي وجود أي أبعاد سياسية لاتفاقات استيراد الغاز من إسرائيل، مؤكداً أنها صفقات تجارية بحتة بين شركات دولية. ولفت إلى أن امتلاك مصر لمحطتي إسالة الغاز في إدكو ودمياط يمنحها موقعاً استراتيجياً كمركز إقليمي لتجميع الغاز وإعادة تصديره، سواء من إسرائيل أو قبرص، بالتوازي مع الاكتشافات الجديدة التي تعزز الإنتاج المحلي.

وعلى الصعيد السوري، أكد وزير الخارجية دعم القاهرة الكامل لوحدة الأراضي السورية واستقرارها، مشيراً إلى وجود تواصل مستمر مع الإدارة السورية الجديدة، ونصحها بعدم توفير ذرائع للتدخلات الخارجية. كما شدد على ضرورة مكافحة الإرهاب ومنع تحوّل سوريا إلى منصة تهديد لأمن دول الجوار.

كما تناول عبد العاطي ملف اللاجئين، محذراً من أن مصر تتحمل أعباءً كبيرة في هذا الملف دون الحصول على دعم دولي كافٍ، مؤكداً أن استمرار هذا الوضع يتطلب تحمّل المجتمع الدولي لمسؤولياته، لا سيما في ظل تصاعد الأزمات الإقليمية.

وفي ختام حديثه، جدد وزير الخارجية التأكيد على أن قضية سد النهضة تمثل ملفاً يتعلق بالأمن القومي المصري ولا تقبل أي تهاون، مشدداً على أن مصر ستدافع عن حقوقها المائية بكافة الوسائل التي يكفلها القانون الدولي، مع الحرص على الحفاظ على علاقات متوازنة مع دول حوض النيل، باستثناء الخلاف القائم مع إثيوبيا بشأن سياساتها الأحادية.