تلفزيون نابلس
كوكا كولا
السودان في قبضة الحرب.. طرد الإغاثة واستقبال السلاح
12/21/2025 8:50:00 AM
في خطوة لافتة، أعلنت قوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة لأبيي (يونيسفا) أنها ستخلي قاعدتها اللوجستية في كادوقلي، في أعقاب "الهجوم الشنيع".

وقالت البعثة في بيان 19 ديسمبر 2025: "يأتي هذا القرار، الذي تم إبلاغه للسلطات المختصة، بعد تقييم شامل للوضع الأمني السائد في كادوقلي، والذي أعاق قدرة الأمم المتحدة على العمل في المنطقة".

وأدان أعضاء مجلس الأمن، بشدة، الهجمات الشنيعة والمتعمدة التي شنتها طائرات مسيّرة في 13 كانون الأول/ديسمبر 2025 على قاعدة الأمم المتحدة اللوجستية في كادوقلي، بولاية جنوب كردفان السودانية، والتي أسفرت عن مقتل ستة من حفظة السلام، من بنغلاديش، وإصابة تسعة آخرين.

وأعرب أعضاء مجلس الأمن – في بيان أصدروه أمس – "عن قلقهم البالغ إزاء هذا الهجوم المتعمد على قاعدة يونيسفا وعلى حفظة السلام. وقالوا إن هذا الهجوم يمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي، ويُشكل تهديدا خطيرا للسلم والأمن الدوليين."

واستنكر "أعضاء مجلس الأمن، بأشد العبارات، استهداف حفظة السلام الأممين، وجميع الهجمات والاستفزازات ضد يونيسفا، ودعوا إلى محاسبة المسؤولين عن هذه الهجمات دون تأخير. "

وقالوا إن "الاعتداءات على قوات حفظ السلام قد تُشكل جرائم حرب بموجب القانون الدولي." وذكّروا "جميع الأطراف بالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني."

كما دعوا "الأمم المتحدة إلى الإسراع في التحقيق في هذه الاعتداءات بدعم من قوة يونيسفا، وإطلاع الدولة المساهمة بقوات على التقدم المُحرز بما يتوافق مع قراري مجلس الأمن 2518 (2020) و2589 (2021)."

قيود على العمل الإغاثي

انسحاب هذه البعثة، جاء بعد قيود فرضتها بورتسودان على العمل الإغاثي، تتضمن منع دخول المساعدات الإنسانية، بحسب ما نقلت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في وقت سابق.

وقبل أكثر من شهر، طردت بورتسودان اثنين من كبار مسؤولي برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، وسط تفاقم المجاعة الناجمة عن الحرب الأهلية المستمرة منذ أبريل 2023.

وأكد البرنامج، في بيانٍ رسمي، أن بورتسودان، أبلغته يوم 28 أكتوبر الماضي باعتبار كلٍّ من لوران بوكيرا، مدير مكتب البرنامج في السودان، وسمانثا كاتراج، مديرة قسم العمليات، "شخصين غير مرغوب فيهما" وطُلب منهما مغادرة البلاد خلال 72 ساعة، من دون أي تفسير رسمي.

وقال البيان إن القرار جاء في "وقت حرج للغاية"، مشيراً إلى أن أكثر من 24 مليون شخص في السودان يواجهون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، فيما تتعرض مجتمعاتٌ بأكملها لخطر المجاعة. وأوضح أن فرق البرنامج وشركاءه الإنسانيين تمكنوا مؤخراً من توسيع نطاق المساعدات لتصل إلى أكثر من أربعة ملايين شخص شهريّاً، وهو ما أسهم في الحد من الجوع في واحدة من أعقد وأخطر الأزمات الإنسانية في العالم.

وحذر من أن القرار يهدد بتقويض العمليات الإنسانية التي يعتمد عليها ملايين السودانيين في الحصول على الغذاء والتغذية الطارئة، قائلاً: "في وقتٍ يحتاج فيه البرنامج وشركاؤه إلى توسيع نطاق المساعدات، يُجبرنا هذا القرار على تغييراتٍ غير مخططٍ لها في القيادة، مما يعرض حياة الملايين للخطر."

وقال إن مسؤولي الأمم المتحدة يجرون اتصالات مع بورتسودان، للاحتجاج على القرار والمطالبة بتوضيحات، داعياً جميع الأطراف إلى إعطاء الأولوية لحياة ورفاه الملايين الذين يعتمدون على المساعدات الغذائية للبقاء على قيد الحياة.

منحى للأزمة

في غضون ذلك، تشهد الحرب السودانية، تحولات على المستويين الداخلي والخارجي، فعلى الأول، لم يعد السودانيون، يستقرون بسبب الغارات العشوائية والقتل، ليكون النزوح مصيرا للغالبية.

وبخصوص الخارجي، تكشف تقارير استخباراتية، عن تورط تركيا في إطالة أمد الصراع، عبر دعمها للجيش التابع لبورتسودان، وإقناعه بعد قبول أي هدنة.

ومؤخرا، كشف فريق منصة "إيكاد" الاستخباراتية، عن رحلات جوية مكثفة من مطار إسطنبول، إلى بورتسودان خلال الأيام الأخيرة.مشيرا إلى أنه "بتحليل حركة الطيران بين 1 و17 ديسمبر، رصدنا ما لا يقل عن 16 رحلة شحن وصلت للمطار من القاهرة وإسطنبول ومسقط وشرق العوينات في مصر، مع هيمنة لطائرات Boeing 737F تلتها طائرات Airbus A320، إلى جانب طائرة Il-76 الروسية، وهو ما يُرجّح أن طبيعة هذه الرحلات تتجاوز الشحن التجاري الاعتيادي وترتبط بنقل عتاد أو إمدادات لوجستية."

وأشار الفريق، إلى أن أكثر الرحلات المكثفة، أقلعت من مدينة إسطنبول التركية إلى بورتسودان، ثم القاهرة المصرية، ومصر شرق لعوينات، إلى ذات المدينة. وتحدث عن التصاعد في وتيرة رحلات الشحن الجوي الذي يشير إلى تحول استراتيجي في موقف الجيش ببورتسودان وحلفائه، إذ تزامنت هذه الحركة اللوجستية المكثفة مع انهيار مقترحات الهدنة الدولية. وأوضح أن تفاقم الخسائر الميدانية بعد سقوط الفاشر وبابنوسة ثم حقل هجليج النفطي في يد قوات الدعم السريع استدعى تسريع الإمدادات العسكرية لتعزيز القدرات الدفاعية والهجومية للجيش."

وأضاف أنه بحساب "عدد الرحلات خلال شهر ديسمبر الجاري، يتضح أنها شهدت قفزة حيث ارتفعت من 4 في الأسبوع، الأول إلى 12 خلال الفترة بين 8 و16 ديسمبر أي ثلاثة أضعاف خلال الشهر نفسه، وكانت بصورة مفاجئة غير تدريجية."

وثقائق سرّية

ومن جهة أخرى، كشفت مجموعة من الوثائق والاتصالات التي حصلت عليها صحيفة “واشنطن بوست” شهر مارس 2025، عن شركة تركية بتهريب الأسلحة سرًا إلى الجيش التابع لبورتسودان.

وأوضحت أنه "تم تسليم شحنة سرية من الطائرات المسيّرة والصواريخ التركية إلى الجيش السوداني في سبتمبر، وكان .فريق من شركة “بايكار”، أكبر شركة دفاعية في تركيا، متواجدًا على الأرض لضمان إتمام الصفقة بسلاسة." لافتة إلى أنه "تم توثيق هذا التبادل غير العادي من خلال مجموعة من الرسائل النصية والتنصتات الهاتفية، والصور والفيديوهات، ووثائق الأسلحة، وسجلات مالية أخرى حصلت عليها صحيفة “واشنطن بوست” وتم التحقق منها جزئيًا باستخدام سجلات الهواتف، وسجلات التجارة، وبيانات الأقمار الصناعية."

وبحسب الوقائق، فقد أرسلت “بايكار”، "المملوكة جزئيًا لصهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أسلحة بقيمة 120 مليون دولار على الأقل إلى الجيش السوداني العام الماضي، بما في ذلك ثماني طائرات مسيّرة من طراز TB2 ومئات من الرؤوس الحربية. وقد أكد ذلك من خلال رسائل ووثائق تتبع الرحلات الجوية."

وبايكار هي المورد الرئيسي للطائرات المسيّرة للجيش التركي، وأكبر مصدر دفاعي في البلاد. يمكن لطرازها المتقدم TB2 حمل أكثر من 300 رطل من المتفجرات، وهو مصنوع باستخدام العديد من المكونات الأمريكية الصنع.

وقالت الصحيفة، إنه "تم الإبلاغ سابقًا عن وجود أسلحة تركية في ساحة المعركة السودانية، لكن لم يكن ذلك بمثل هذا التفصيل، الذي يكشف عن هوية الوسطاء، وحجم الشحنات، وكيف تم تسليمها إلى منطقة نزاع نشطة رغم العقوبات الدولية.تظهر الوثائق أيضًا التسهيلات التي يبدو أن السلطات السودانية تقدمها للشركات الأجنبية مقابل المساعدة العسكرية، مما يمنح لمحة نادرة عن عالم صفقات الحروب المظلمة."

تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة