كشف تحقيق صحفي إسرائيلي تفاصيل صادمة حول مقتل الفلسطيني أحمد شحادة (57 عامًا) برصاص قوات الاحتلال عند حاجز المربعة جنوب مدينة نابلس في أيلول/سبتمبر الماضي، مؤكدًا أن الشهيد لم يكن يحمل سوى قارورة مياه بلاستيكية لحظة استهدافه.

وبحسب تحقيق نشره موقع “المكان الأكثر التهابًا في جهنم”، أطلق جنود الاحتلال 18 رصاصة على شحادة، بينها ثماني رصاصات أُطلقت بعد سقوطه أرضًا وعدم تشكيله أي خطر، في مخالفة صريحة لأوامر إطلاق النار، وفق ما أقرّ به الجنود أنفسهم لاحقًا.

وأشار التحقيق إلى أنه رغم وجود توثيق مصوّر وشهادات مدنيين تؤكد خلوّ الشهيد من أي سلاح، لم تُفتح أي تحقيقات جنائية مستقلة، واكتفى الجيش بتحقيق داخلي أجراه قادة الوحدة المتورطون أنفسهم، ما أثار شبهات جدية حول طمس الأدلة والتستر على الجريمة.

وأكد الموقع أن ضباطًا كبارًا ساهموا في اعتماد رواية الجنود، رغم تناقضها مع التسجيلات المتاحة، في محاولة لإفشال أي مساءلة قانونية. وذكر التحقيق أن شحادة، وهو أب لعشرة أبناء، كان عائدًا من مناسبة عائلية عندما أُعدم أمام عشرات المدنيين الذين كانوا ينتظرون على الحاجز، وقام بعضهم بتوثيق الحادثة.

وبيّنت عائلة الشهيد أن الجثمان احتوى على نحو 20 فتحة رصاص، فيما أكد نجله جهاد شحادة أنه وصل إلى المكان فور الحادثة، وأن الجنود أقرّوا له بأن والده كان يحمل قارورة بلاستيكية فقط، بل إن أحدهم اعتذر له صراحة.

ورصد التحقيق التناقض في الرواية الرسمية للجيش، التي ادّعت أن شحادة تقدّم بشكل “مريب” وألقى “جسمًا مشبوهًا”، مبرزة أن التسجيلات لا تُظهر أي تهديد فعلي، ولا إطلاق نار تحذيري، ولا محاولة دهس أو احتكاك بمركبات.

واستعرض التحقيق تسلسلًا زمنيًا للجريمة، مشيرًا إلى أنه بعد ساعتين من الحادثة، تلقّت العائلة اتصالًا من ضابط حذّرهم فيه قائلًا: “لا تثيروا مشاكل”. كما وثّق التسجيل الصوتي استمرار إطلاق النار بعد سقوط شحادة، مع سماع صرخات بالعربية في الخلفية: “يا أبي ارجع لورا”.

وحذّر التحقيق من أن الاعتماد على التحقيقات العسكرية الداخلية في مثل هذه الحالات، كما أكدت منظمات حقوقية بينها “يش دين”، أدى مرارًا إلى تضليل العدالة وإخفاء المسؤولية الجنائية، رغم توصيات سابقة للجنة تيركل (2010) بضرورة إصلاح آليات التحقيق.

ويخلص التحقيق إلى أن مقتل أحمد شحادة لم يكن “حادثًا”، بل إعدامًا ميدانيًا موثقًا، انتهى دون محاسبة، بسبب قارورة مياه.