دمّرت طائرات الاحتلال الإسرائيلي، ظهر اليوم السبت، برج السوسي السكني في حي تل الهوا جنوب غربي مدينة غزة، بعد أقل من ساعة على إصدار أوامر إخلاء قسرية لسكانه.
وأفادت مصادر محلية أن الطيران الحربي استهدف البرج بعدد من الصواريخ ما أدى إلى تسويته بالأرض بشكل كامل.
وأشارت المصادر إلى أن البرج مكوّن من 15 طابقًا، ويضم عشرات الشقق التي كانت تؤوي مئات العائلات، غالبيتهم من النازحين الذين فروا من مناطق تعرضت للتدمير والقصف سابقًا.
وسبق أن تعرّض برج السوسي للقصف الجزئي خلال الحرب الحالية على غزة، كما استُهدف أيضًا في عدوان عام 2021، قبل أن يتم ترميمه جزئيًا، ويعود ليُؤوي العشرات من العائلات مجددًا.
بدورها، قالت العائلات المالكة والنازحة المقيمة في برج السوسي: "لقد حذّرنا مرارًا من حملة الترهيب والتخويف الإسرائيلية المكثفة التي استهدفت سكان البرج في الأيام الماضية، وها هي تتحقق تهديداتهم بالفعل".
وجددت العائلات في بيان لها التأكيد أن سكان البرج جميعهم من المدنيين العزّل، وأنه لا توجد لدينا أي أنشطة غير مدنية ولا أي مسلحين داخل المبنى.
ونوهت إلى أن ذات البرج كان قد تعرّض للاستهداف عدة مرات من قبل، كان آخرها الشهر الماضي، وأقساها عام 2021، قبل أن يأتي هذا القصف الأخير اليوم ليُزيل ما تبقّى منه بالكامل.
وأردفت العائلات: "معظمنا من العائلات الموظفة في وكالات الأمم المتحدة، وبيننا أطباء ومهندسين وموظفين مدنيين، وقد فقدنا اليوم مساكننا وكل ما نملك، وبات أطفالنا ونساؤنا وكبارنا يعيشون تحت الصدمات والرعب والخوف في العراء".
ووجهت "نداء استغاثة عاجل" إلى وكالات الأمم المتحدة وقادة العالم كافة، للتدخل الفوري وتأمين الحماية للعائلات والأطفال. مطالبة بتوفير المأوى والاحتياجات الإنسانية العاجلة، قبل أن تتحول معاناتنا إلى كارثة إنسانية جديدة.
ويأتي هذا القصف بعد يوم واحد من تدمير برج مشتهى في غرب مدينة غزة، ضمن سلسلة استهدافات متكررة لما تبقى من الأبنية المرتفعة في القطاع، والتي تؤوي آلاف العائلات التي باتت بلا مأوى.
وكان وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي، يسرائيل كاتس قد أعلن أن جيشه سيستهدف الأبراج والمباني السكنية المرتفعة في مدينة غزة، في تصريح يُظهر سياسة رسمية ممنهجة لتوسيع عمليات التهجير القسري وتشريد السكان.
ويقع البرج المستهدف في منطقة حيوية بمحاذاة مقر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ويُعدّ أحد آخر الأبنية المرتفعة التي صمدت في المدينة منذ بدء الحرب، ما يجعل قصفه جزءًا من جريمة أوسع تستهدف البنية التحتية المدنية والسكانية في القطاع.
ومع تواصل استهداف الأبراج والعمارات السكنية، تتفاقم أزمة السكن والنزوح في غزة، حيث لم تعد هناك أي مناطق آمنة أو مأوى دائم للمدنيين.
ويُضاف هذا التدمير إلى سلسلة جرائم الحرب المرتكبة ضد سكان القطاع المحاصرين، في ظل صمت دولي مستمر.
من جانبه، نفى المكتب الإعلامي الحكومي في بيان له اليوم السبت، مزاعم الاحتلال الإسرائيلي. مؤكدًا أن الاحتلال يستهدف الأبراج السكنية ضمن مخطط تهجير قسري ممنهج.
وأفاد "الإعلامي الحكومي" بأن مدينة غزة تضم 51,544 مبنىً وعمارةً وبرجاً سكنياً. متابعًا: "نُفنّد جملةً وتفصيلاً الأكاذيب والمزاعم التي يروجها الاحتلال لتبرير عدوانه الهمجي".
وقال إن الأبراج السكينة "تخضع للرقابة، ولا يُسمح بدخولها إلا للمدنيين فقط". منوهًا إلى أن "المقاومة لا تعمل من داخل هذه الأبراج السكنية مُطلقاً، وأنها خالية تماماً من أي معدات أو أسلحة أو تحصينات، وجميع طوابقها مكشوفة ومفتوحة للعيان".
وشدد على أن "المزاعم الكاذبة" التي يروج لها الاحتلال ليست سوى جزء من سياسة التضليل الممنهج التي يتبعها لتبرير استهداف المدنيين والبنية التحتية، ولإرهاب السكان ودفعهم قسراً إلى النزوح.
واستطرد: "الحقائق الميدانية تثبت أن القصف الجوي للأبراج موجهة بشكل مباشر لمبانٍ مدنية وآلاف الخيام المنتشرة المكتظة بالنازحين، دون أي مبرر عسكري مشروع".
وأكمل: "جريمة تدمير برج السوسي تأتي ضمن سلسلة ممنهجة من الاستهدافات التي تطال الأبراج السكنية والمنازل والمنشآت المدنية، بهدف تدمير البنية الاجتماعية والاقتصادية لقطاع غزة، وفرض واقع ديموغرافي جديد بقوة القصف والنار والمجازر".
وأشاد المكتب الإعلامي بصمود شعبنا الفلسطيني العظيم في وجه العدوان الإسرائيلي المتواصل، وتضحياته الجسام في حماية الأرض والحقوق.
وأضاف: "أثبت الفلسطينيون إرادة لا تلين وتصميماً على الصمود رغم الحصار والتدمير والتهجير القسري، محافظين على عزتهم وكرامتهم الوطنية".
وطالب، المجتمع الدولي والأمم المتحدة، والمحكمة الجنائية الدولية، والمنظمات الحقوقية الدولية، بالخروج عن صمتهم وإدانة هذه الجريمة الواضحة، وفتح تحقيق دولي عاجل، ومحاسبة قادة الاحتلال وجيشه على جرائمهم.
ودعا إلى ضمان وقف استهداف المدنيين والبنية التحتية، وحماية السكان من سياسة القتل والتهجير القسري التي ينتهجها الاحتلال في قطاع غزة.
"وكالة سند"
تصميم وتطوير: ماسترويب 2016 |