تلفزيون نابلس
كوكا كولا
انسحاب مفاجئ من قباطية بعد حصار خانق.. دمار واسع وعقاب جماعي ودماء عمّال على جدار القدس
28/12/2025 20:30:00

 انسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء الثلاثاء، من بلدة قباطية جنوب جنين، بعد يومين من عملية عسكرية مكثفة وُصفت بأنها «استعراضية» وذات طابع عقابي جماعي، خلّفت دمارًا واسعًا في البنية التحتية وشللًا كاملًا في الحياة الاقتصادية والاجتماعية.

وجاء الانسحاب بعد فرض حصار خانق ومنع تجول شامل، تخلله إغلاق للشوارع وتجريف للطرق وتحويل منازل ومدرسة إلى ثكنات عسكرية، إضافة إلى اعتقالات ومداهمات واسعة، في واحدة من أعنف الحملات التي تشهدها البلدة منذ سنوات.

وقال الناشط والمحلل السياسي ثامر سباعنة إن انسحاب الجيش كان مفاجئًا، مشيرًا إلى أن العملية لم تحمل إنجازًا أمنيًا حقيقيًا بقدر ما استهدفت إظهار القوة والترويج الإعلامي، وفرض واقع من الترهيب والتضييق على السكان.

من جهته، أكد رئيس بلدية قباطية أحمد زكارنة، في تصريحات نقلتها وكالة «وفا»، أن البلدة شُلّت بالكامل خلال يومي الحصار، بعد فرض منع التجول وإغلاق الطرق الرئيسية والفرعية بالسواتر الترابية، ما ألحق أضرارًا جسيمة بالاقتصاد المحلي.

وأوضح زكارنة أن طواقم البلدية والإسعاف تمكنت، رغم حظر التجول، من نقل نحو 30 حالة مرضية يوميًا إلى المراكز الطبية ومستشفيات جنين، في ظل ظروف بالغة الصعوبة.

وأشار إلى أن الحصار أدى إلى إغلاق نحو 200 منشار حجر، إلى جانب سوق الخضار المركزي والمزارع والمحال التجارية، ما تسبب بخسائر تُقدّر بمئات آلاف الشواقل، فضلًا عن تعطّل مئات العمال عن مصادر رزقهم.

وفي ما يتعلق بالأضرار، كشف زكارنة عن تجريف شوارع رئيسية جرى تعبيدها حديثًا بكلفة وصلت إلى 100 ألف شيقل للشارع الواحد، إضافة إلى تخريب محولين كهربائيين بكلفة 60 ألف شيقل لكل منهما، وقطع مئات الأمتار من كوابل الكهرباء، ما اضطر البلدية لاستخدام محولات بديلة لتأمين التيار.

كما داهمت قوات الاحتلال نحو 50 منزلًا، حُوّل ستة منها إلى ثكنات عسكرية، إضافة إلى اقتحام مدرسة عزت أبو الرب، واحتجاز 50 مواطنًا، أُفرج عن معظمهم، فيما أبقى الاحتلال على اعتقال والد الأسير المصاب أحمد أبو الرب وشقيقيه.

في المقابل، قال وزير جيش الاحتلال يسرائيل كاتس إن الجيش «يعمل بقوة ضد بؤر الإرهاب في قباطية»، متوعدًا بمواصلة العمليات الهجومية في شمال الضفة الغربية، في ظل إغلاق وطوق محكم على البلدة.

وادعى الجيش الإسرائيلي، في بيان رسمي، أن وحدات من المظليين و«دوفدفان» و«الشاباك» و«حرس الحدود»، وبمساندة جوية، نفذت عمليات أمنية أسفرت عن توقيف مشتبهين واستجواب عشرات المواطنين، وإغلاق منزل منفذ إحدى العمليات بالحديد المسلح.

وتزامنت هذه الحملة مع تشديد غير مسبوق على الجدار الفاصل في القدس، حيث استُشهد العامل الفلسطيني جهاد عمر حسن قزمار (58 عامًا) من بلدة عزبة سلمان جنوب قلقيلية، إثر سقوطه عن جدار الفصل قرب بلدة الرام شمال القدس، أثناء محاولته الوصول إلى مكان عمله داخل أراضي عام 1948.

وأكدت مصادر عائلية أن قزمار ارتطم رأسه بالأرض مباشرة، ما أدى إلى نزيف حاد في الدماغ أودى بحياته، في ظل ملاحقات مستمرة للعمال الفلسطينيين ومنعهم من العبور.

وتصاعد التحريض الإسرائيلي ضد العمال الفلسطينيين، إذ نشرت صحيفة «يديعوت أحرنوت» عنوانًا بارزًا قالت فيه إن «الخوف يعود إلى الطرق»، في إشارة إلى التحذير من الفلسطينيين، ما انعكس ميدانيًا على تشديد الملاحقات والاعتقالات، خصوصًا في محيط القدس.

ويواجه آلاف العمال الفلسطينيين مخاطر يومية في محاولاتهم الوصول إلى أعمالهم، خاصة بعد منع أكثر من 120 ألف عامل من العمل داخل أراضي عام 1948 منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ما فاقم البطالة والضغوط المعيشية ودفع كثيرين لمحاولات عبور خطرة عبر الجدار.

ويرى محللون أن ما جرى في قباطية يعكس سياسة إسرائيلية متجددة تقوم على ربط أي فعل مقاوم بالعقاب الجماعي، وتدمير مصادر الرزق والبنية التحتية، في محاولة لردع المجتمع الفلسطيني بأكمله.

وقال الخبير في الشأن الإسرائيلي فراس ياغي إن الحملة تعكس فشلًا استخباريًا في التعامل مع عمليات فردية، وصعوبة السيطرة على هذا النمط من المقاومة، ما يدفع الاحتلال إلى استخدام العقاب الجماعي كأداة ضغط، رغم تعارضها الصريح مع القانون الدولي.

وأكد أن ما تشهده قباطية ليس حالة معزولة، بل جزء من عملية عسكرية مفتوحة تستهدف عموم الضفة الغربية، في إطار سياسات السيطرة والاقتلاع وترهيب السكان.

 


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة