12/21/2025 7:40:00 AM
دمر الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 85% من مساحة مدينة خانيونس جنوبي غزة، خلال ما سماها عملية "عربات جدعون"، التي بدأت في مايو/ أيار الماضي، ولم تنته إلا باتفاق وقف إطلاق النار في القطاع في أكتوبر/ تشرين الأول.
وعايش أحمد البطة رحلة نزوح إحدى العائلات التي ارتكب بحقها الاحتلال مجزرة مروعة.
فعلى مقربة من أنقاض منزله، يقف محمد الأغا عاجزًا عن الوصول إليه، إذ إن شارع صلاح الدين هو آخر نقطة يمكن بلوغها لرؤية ما تبقى من بلدة القرارة شمالي خانيونس، حيث كان آخر عهده بها نزوحًا تحت قصف مكثف.
ويروي محمد لحظات لم تُحكَ من قبل: "في 15 مايو كان القصف شديدًا، كنا نتشاور هل نبقى أم ننزح، وفجأة ألقى الاحتلال علينا برميلًا متفجرًا، فاستشهد والدي وأخي وابن أخي وزوج أختي وابنته وابنه، إضافة إلى اثنين من أبناء عمي".
ويضيف: "أخرجنا المصابين وسط القصف، ثم عدنا لانتشال الجثث، حيث استخرجنا والدي وأخي، فيما بقي الآخرون تحت الركام حتى اليوم".
اشتداد القصف وتوسيع العمليات البرية انطلاقًا من القرارة كانا إعلانًا فعليًا لبدء عملية "عربات جدعون". وبعد يومين فقط، وجّه الجيش إنذارًا بإخلاء البلدة التي كانت قد أُفرغت مسبقًا بالقتل والترويع، ليبدأ محمد وأسرته رحلة نزوح جديدة.
من المؤلم أن ندخل السنة الثانية ونحن نازحون، لا نستطيع العودة إلى مناطقنا ولا رؤية منازلنا، ولا حتى انتشال الشهداء.
يقول محمد: "بعدما غادرنا القرارة، لجأنا إلى معسكر خانيونس عند أختي، وتابعنا علاج الجرحى في مستشفى ناصر، لكن مع تصاعد العمليات اضطررنا لاتخاذ القرار الأصعب: النزوح إلى مواصي خانيونس، دون أن نحمل معنا أي مقتنيات".
وفي 19 مايو جاء الإخلاء الأكبر لمدينة خانيونس، حيث اشتد القصف على جميع أحيائها شمالًا وشرقًا ووسطًا وجنوبًا، وصولًا إلى المناطق الغربية.
ومع هذا المشهد، تجددت مأساة النزوح، إذ حُشر نحو نصف مليون فلسطيني، سكان المدينة، في منطقة المواصي.
ويصف محمد الأغا شعوره قائلًا: "من المؤلم أن ندخل السنة الثانية ونحن نازحون، لا نستطيع العودة إلى مناطقنا ولا رؤية منازلنا، ولا حتى انتشال الشهداء".
استمرت العملية العسكرية برًا وجوًا حتى أكتوبر، مخلفة دمارًا هائلًا، إذ تشير الأرقام إلى تدمير 85% من أكبر محافظات القطاع مساحة، وما يزيد على 80% من البنية التحتية وشبكات الطرق.
ومع انتهاء العدوان، تحولت خانيونس كسائر محافظات القطاع إلى أكوام من الركام، فيما بقي السكان نازحين في أرضهم، تحت سيطرة الاحتلال على أكثر من نصفها، دون أن يتغير شيء في واقعهم الإنساني.