
في غزة التي سجّل وجهها عامان من الحرب، ووسط ركام يملأ الأفق ويشهد على آلاف القصص المنكسرة، قرر أكثر من مئة شاب وشابة أن ينسجوا خيطًا من نور. في خان يونس، أقيم مساء الثلاثاء عرس جماعي حمل اسم "ثوب الفرح"، ليصبح عنوانًا صغيرًا لأمل كبير، ورسالة بأن الحياة قادرة على انتزاع لحظاتها حتى من قلب الدمار.
كان المشهد نادرًا ومؤثّرًا؛ الأزواج يسيرون فوق بساط أحمر يمرّ بين أقواس من الورود البيضاء، بينما تحيط بهم المنازل المدمّرة التي شهدت على سنوات من فقد الأحبة والجوع والخوف. العرائس بفساتين بيضاء مطرزة بالتراث الفلسطيني، والعرسان ببدلاتهم السوداء، بدوا كأنهم يعلنون انتصار الفرح في معركة غير متكافئة.
في الساحة التي احتضنت الاحتفال، جلس المئات من الأهالي يصفقون ويغنون للأمل، بينما اعتلى أطفال وشبان الركام يلوّحون بالعلم الفلسطيني. أصوات الأغاني الشعبية ارتفعت بين الأنقاض، كأنها تقول للعالم: ما زلنا هنا.
العريس كرم مسعد عبّر وهو يحبس دموعه:
"كنا بحاجة إلى فرحة… بعد المعاناة والمجاعة وفقدان أحبائنا، كان هذا اليوم مثل نبضة حياة."
أما العريس حكمت أسامة فقال:
"لا يوصف هذا الشعور… أن نعود ونفرح ونبني حياة جديدة بعد كل ما رأيناه."
المنصة أقيمت في قلب منطقة مدمّرة بالكامل، كأنها تتحدى الخراب المحيط. ومن فوقها، قال المنظمون من مبادرة الفارس الشهم الإنسانية إن اختيار المكان جاء لتمرير رسالة واضحة: "غزة ستنهض من بين الركام."
أرقام الدمار لا تقل صدمة؛ فالأمم المتحدة تقدّر الحطام المتراكم في غزة بأكثر من 60 مليون طن، ما يعادل أوزان ناطحات سحاب عالمية. ومع ذلك، وجد الناجون من الحرب — التي قتلت أكثر من 70 ألف فلسطيني وأصابت أكثر من 171 ألفًا — لحظة يعلنون فيها تمسكهم بالحياة.
ورغم الهدنة الهشة التي دخلت حيّز التنفيذ منذ أكتوبر، ما زال العنف يحصد الأرواح، لكن "ثوب الفرح" جاء ليقول إن غزة، برغم الألم، ما زالت قادرة على الاحتفال… وقادرة على الحلم.
أخبار محلية
صحة+رجيم
أخبار الاقتصاد
أخبار دولية
أخبار فلسطينية
|
تصميم وتطوير: ماسترويب 2016 |