8/7/2025 7:29:00 AM
تتصاعد الأزمة الإنسانية في قطاع غزة بشكل غير مسبوق، مع تدهور الأوضاع المعيشية والصحية نتيجة الحصار المستمر والعدوان الإسرائيلي المتواصل، حيث بات الجوع وسوء التغذية في أعلى مستوياته منذ بداية الحرب قبل عامين. ومع تصاعد التهديدات الإسرائيلية باحتلال كامل القطاع، يزداد الوضع سوءًا، خاصة مع تواصل العمليات العسكرية التي تستهدف البنى التحتية والأحياء السكنية، مما أدى إلى استشهاد مئات الفلسطينيين وإصابة الآلاف، بينهم نساء وأطفال، في ظل غياب تام للمساعدات الإنسانية الكافية.
وفي سياق التطورات العسكرية، أعلن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت) عن مناقشة خطة عسكرية تتضمن استدعاء 4 إلى 6 فرق عسكرية لاحتلال مدينة غزة ومخيمات وسط القطاع، مع تشجيع الفلسطينيين على مغادرة القطاع خلال عمليات قد تستغرق من 4 إلى 5 أشهر. هذه الخطة تأتي في إطار سعي الاحتلال لتوسيع عملياته العسكرية، في محاولة لفرض السيطرة الكاملة على القطاع، وهو ما يهدد بمزيد من الدمار والدماء، ويزيد من معاناة السكان المدنيين الذين يعانون أصلاً من نقص حاد في الموارد الأساسية.
الانقسام الدولي يعكس تعقيد الأزمة في غزة، حيث تتصارع المصالح السياسية مع الحاجة الملحة لإنقاذ حياة المدنيين في ظل تصعيد العدوان الإسرائيلي.
على الصعيد الدولي، يظهر انقساماً حاداً داخل الاتحاد الأوروبي، حيث تتباين مواقف الدول الأعضاء بشكل كبير. ففي حين تدعو دول مثل إسبانيا وأيرلندا وبلجيكا وسلوفينيا إلى اتخاذ موقف قوي وفرض عقوبات على إسرائيل، ترفض دول أخرى مثل المجر وهنغاريا اتخاذ أي إجراءات صارمة، مما يعكس عمق الانقسامات السياسية داخل الاتحاد. كما أن مقترحات استخدام الفقرة الثانية من اتفاقية الارتباط مع إسرائيل وإلغاء العلاقات السياسية، التي اقترحها الممثل الأعلى السابق للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، قوبلت برفض شديد، نظراً لعدم وجود دعم كافٍ من الدول الأعضاء، مما يعكس حجم التحديات التي تواجه الاتحاد في التعامل مع الأزمة.
وفي سياق متصل، عبّر رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن ضرورة تقديم المساعدات الإنسانية بشكل عاجل، مؤكدًا أن بلاده ستعترف بدولة فلسطينية في سبتمبر المقبل إذا لم تتخذ إسرائيل إجراءات فعالة لمعالجة الأزمة الإنسانية. إلا أن بوريل انتقد التناقض في الموقف البريطاني، حيث تتحدث لندن عن دعم حقوق الفلسطينيين، وفي الوقت ذاته تواصل تزويد إسرائيل بالمعلومات الاستخباراتية، وهو ما يعكس أزمة عميقة في السياسة الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية، ويزيد من تعقيد المشهد السياسي الإقليمي والدولي.
من الجانب الفلسطيني، وصف الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي، ما يجري بأنه مخطط لإبادة الوجود الفلسطيني، موضحًا أن الهدف ليس فقط إعادة احتلال غزة، وإنما تطهير عرقي لسكان القطاع عبر إجبارهم على الانتقال إلى معسكرات اعتقال، ثم إجبارهم على الرحيل نهائيًا. وانتقد البرغوثي مؤسسة غزة الإنسانية التي قتلت أكثر من 1300 شخص أثناء محاولتهم الوصول للمساعدات، وجرحت أكثر من 7 آلاف آخرين، معتبرًا أن هذه الآلية تمثل شكلاً من أشكال إدارة التجويع، وليس تقديم المساعدات الإنسانية، في محاولة لتطهير الشعب الفلسطيني من خلال المجازر المستمرة.
وفي مقابل التردد الأوروبي، أكد المحلل الإستراتيجي الأميركي أدولفو فرانكو أن الدعم الأميركي لإسرائيل مستمر بشكل كامل، وأن إدارة الرئيس دونالد ترامب ستدعم حكومة بنيامين نتنياهو خلال الثلاثين يومًا القادمة، خاصة إذا قررت الاحتلال احتلال باقي القطاع، الذي لا تزال 17 إلى 20% منه خارج السيطرة الإسرائيلية. وحمّل فرانكو حركة حماس مسؤولية استمرار الحرب، مؤكدًا أن الولايات المتحدة ستدعم الإجراءات العسكرية الإسرائيلية إذا لم تتخل الحركة عن السلطة وتوافق على وقف إطلاق النار، وهو ما يفاقم من الأزمة ويزيد من معاناة الشعب الفلسطيني.
وفي سياق متصل، أشار البرغوثي إلى أن الرأي العام العالمي بدأ يتغير، حيث بدأت الشعوب تتظاهر ضد مواقف حكوماتها، بسبب الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني، وأن وسائل الإعلام الأوروبية والأميركية لم تستطع إخفاء الحقيقة، مما أدى إلى تراجع الدعم السياسي وتغير مواقف الرأي العام. وأكد بوريل أن هناك معركة حقيقية بين الروايات، حيث تنفي إسرائيل وجود مأساة إنسانية وتلقي اللوم على حماس، بينما تؤكد الأمم المتحدة والمنظمات الدولية وجود مجاعة حقيقية نتيجة إغلاق الحدود ومنع دخول المساعدات، وهو ما يعكس عمق الانقسام الدولي حول القضية الفلسطينية.