توفيت في العاصمة اللبنانية بيروت، اليوم السبت، المناضلة والمؤرخة بيان نويهض الحوت بعد مسيرة حافلة بالدفاع عن حقوق شعبنا الفلسطيني ونشر الرواية الفلسطينية في العالم.
ولدت الراحلة في مدينة القدس، ودرست في كلية شميدت للبنات، وفي أواخر خمسينات القرن الماضي أتمت دراستها العليا، ونالت الدكتوراة في العلوم السياسية من الجامعة اللبنانية وكان قد أشرف عليها أنيس صايغ، ثم اتجهت إلى التدريس في الجامعة نفسها.
كان والدها من رجالات الحركة الوطنية الفلسطينية ومن مؤسسي "حزب الاستقلال العربي" في آب 1932، وأغنت معارفها بفضل مكتبة والدها الذاخرة بالكتب المتنوعة، والتي تركت بصمة في عقلها لا تُنسى.
على الصعيد النضالي انضمت الى "جبهة تحرير فلسطين - طريق العودة "، وهي الجبهة التي أنشأها، في نهاية عام 1963، شفيق الحوت ونقولا الدر وإبراهيم أبو لغد وسميرة عزام الكاتبة والأديبة وهي من كانت المسؤولة عن القسم النسائي في الجبهة.
في عام 1966، قررت بيان نويهض الحوت ترك النشاط الصحفي، ليقتصر عملها الإعلامي على الكتابة الإذاعية، وبعد أن عُيّن زوجها شفيق الحوت مديراً لمكتب منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت، وبعد قيام الثورة الفلسطينية، أتيحت لها فرصة التعرّف إلى أبرز قادة الثورة، ومن بينهم أبو يوسف النجار، وصلاح خلف، وكمال عدوان، وأبو حسن سلامة وغيرهم، أما أكبر الصعوبات التي واجهتها في حياتها، فكانت محاولات الاغتيال المتتالية التي تعرّض لها زوجها، والتي وقعت أولها في 17 شباط/فبراير 1967 على باب مبنى منزلهما.
خلفت مجزرة "صبرا وشاتيلا" حزناً كبيراً عندها، فقررت أن تجمع أسماء ضحاياها وأن تسجل شهادات ذويهم، وبدأت هذا الجهد في منتهى السرية مع مجموعة من صديقاتها، حالما خرج المحتل الإسرائيلي من بيروت، وكان هدفها الأول أن تثبت، رداً على التقرير الإسرائيلي الذي صدر عن المجزرة وحمل اسم "تقرير كاهانا"، أن ما جرى هو مجزرة حقيقية ذهب ضحيتها الآلاف من الضحايا المدنيين الأبرياء وليس معركة، وتكلل هذا الجهد فيما بعد بصدور كتاب ضخم عن تلك المجزرة أصدرته، في عام 2003، مؤسسة الدراسات الفلسطينية.
ولجانب تفرغها للتدريس الجامعي والبحث التاريخي، تعاونت مع مركز الأبحاث الفلسطيني، ومع مؤسسة الدراسات الفلسطينية، ومع مركز دراسات الوحدة العربية، واختيرت عضواً في هيئة تحرير مجلة "المستقل العربي" الصادرة عن هذا المركز الأخير، وفي مجلس التحرير الاستشاري لمجلة الدراسات.
الراحلة الحوت مناضلة وصحفية وأستاذة جامعية ومؤرخة قديرة، ارتبطت بالقضية الفلسطينية منذ شبابها في كنف والدها المناضل القومي والمؤرخ عجاج نويهض، وعمقت هذا الارتباط من خلال زواجها بالقائد الفلسطيني وأحد مؤسسي منظمة التحرير شفيق الحوت، وعكسته في نضالها من أجل تحرر فلسطين وفي مؤلفاتها العديدة عن القضية، خاصة توثيقها أحداث مجزرة صبرا وشاتيلا.
عملت بالصحافة في مجلة الصياد، ثم رئيسة لقسم التوثيق في مركز الأبحاث الفلسطيني، وفي "مركز دراسات الوحدة العربية"، وللراحلة عدة مؤلفات حول فلسطين والقضية منها: القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين، 1917 – 1948، الشيخ المجاهد عز الدين القسام في تاريخ فلسطين" (1987)، فلسطين: القضية، الشعب، الحضارة: التاريخ السياسي من عهد الكنعانيين حتى القرن العشرين، مذكرات عجاج نويهض: ستون عاماً مع القافلة العربية، صبرا وشاتيلا: أيلول 1982. بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2003.
تصميم وتطوير: ماسترويب 2016 |