تلفزيون نابلس
نهال.. رحلت بعد تعب، وأوجعتنا عمراً بغياب مفاجئ
2/9/2016 1:57:00 PM

 رولا حسنين: "أنا والليل ووحدات الدم"، هكذا قالت طالبة الإعلام في جامعة بيزريت نهال المالوخ، والتي اختطفها الموت مساء يوم الأحد المنصرم، من بين مقاعد الدراسة وصديقات بكينها وانتحبن على رحيلها، وكاميرا كانت آخر شيء أمسكته في يدها قبل أن توقف يدها إبرة نقل الدم لجسدها.

نهال المالوخ والتي تشابهني في سنة الميلاد، والمختلفة عني في الأقدار، كانت تنتظر اللحظة الحاسمة التي ترسل لها فيها جامعة بيرزيت رسالة تقول فيها "عزيزي الطالب من المتوقع تخرجك هذا الفصل نرجو منك إتمام أمورك"، فكانت رسالة الجامعة مستبدلة من نهال الى ذويها بـ"تعزية خريجة" وافتها المنية قبل إتمام آخر أمورها الجامعية وقبل تنصيبها على منصة التخرج وقبل أن تحمل في يدها شهادة حمراء فحواها "خريجة".

"عدوى الأمل"

أكره عبارة "وافتها المنية بعد صراع مع المرض" كاذبون مَن قالوا هذا، نهال لم تصارع المرض، بل كانت ببسمتها الواثقة وأملها الذي يجوب قلبها مؤمنة أنها ستهزم المرض، ولكن مرضها كان خبيثاً جداً، استفحل في جسدها دون علمها، الى أن علمت به بعد أن سيطر على مكنونات جسدها ببطئ، وسرق منها أملاً كانت تنقله كالعدوى الجميلة الى كل مّن عايشها.

لستُ أبكي نهال، ولكني أبكي دموع والدتها على 21 عاماً من الآمل رحلت حين استودعت نهال روحها عند بارئها وتركت خلفها دنيا غدرت وعودها وأحلامها كشابة كانت على مقربة من الارتباط بفارس أحلامها، وعلى موعد مع أن تصبح صحفية تنقل الخبر، فكانت نهال بوفاتها الخبر ذاته، خبر كالصاعقة انتشر على صفحات صديقاتها عبر الفيسبوك، راقبتُ المنشورات بصمت المفجوعين، ولم أكتب عنها حرفاً، ليس جهلاً بها، إنما أثراً في داخلي عن حياة لا تفينا ما نريد، عن أحلام مؤجلة، عن كلمات نطلقها من أفواهنا نظنها عابرة لتكون يوماً ما دليل الناس عنّا.

نهال الطالبة التي قالت عنها صديقاتها ذات القلم الجميل والشعور الأجمل، نهال والتي قالت لصديقتها شذى يوماً، اكتبي عني قصتي، ثم قالت "والله موجوع"، اليوم صديقتها تطلب منها أن تستبدلها القلم وتكتب نهال عن وجع صديقتها بفراقها، اليوم تطلب صديقتها أن تسمع منها أي كلمة، فالموت الذي باغت نهال فجأة هو أقسى على قلوب كل مَن عرفها من أي فاجعة أخرى.

"بحبكم الكل"

"بحبكم الكل" هذه الكلمات كانت آخر ما استطاعت نهال كتابته على صفحتها على الفيسبوك لكل مَن عرفها ولم يعرفها، آخر نبض لحروفها قبل أن تدخل الى غرفة العناية المركزة في مستشفى النجاح بنابلس، ترافقها 30 وحدة من الدم يومياً، وإبرة لا تغادر يدها، ودعوات من قلب أمها المنهك، الى أن غادرت الحياة.


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة