تلفزيون نابلس
هل حقق الله دعاء الفلسطينيين لشاؤول "اللهم آنس وحدته" ؟!
8/29/2014 10:27:00 PM

 

بقلم عبد القادر عقل

وضعت الحرب على غزّة أوزارها، وشيئا فشيئاً إنقشع حجم الركام والدمار من جهة، وسطعت شموس بطولات المقاومة الفلسطينية من جهة أخرى، ودبت روح الحياة الطبيعية من جديد في شوارع محافظات غزة وأحيائها وأزقة مخيماتها، في المقابل إنهالت الإنتقادات اللاذعة على حكومة نتنياهو ووزراء "كابنيتها" المصغر، لكن الذي لم ينقشع غباره ولم تسطع شمس حقيقته قضية الأسرى الإسرائيليين الذين في قبضة المقاومة وبالتحديد كتائب القسام، سواء كانوا أحياء أم جثثا هامدة !.

 

ما إن بدت خلفية خطاب أبو عبيدة خلال الحرب، وظهر عليها قبضة ثقيلة لمقاومٍ تُطبق على رقبة جندي إسرائيلي مهلوع، حتى أعلن رسميا عن أسر الجندي "شاؤول أرون" بشكل صريح، فقال: "... لكن الذي لم يعترف به العدو، هو فقده لأحد جنوده في هذه العملية،... إن هذا الجندي أسير لدى كتائب القسام"، مرت ساعات طويلة ولم ينبس نتنياهو ببنت شفة حول الإعلان، ثم تضاربت الروايات الإسرائيلية بخصوص شاؤول، وفي النهاية تمكن حاخام كبير من إقناع عائلته بأن إبنها الجندي في عداد الأموات.

 

أما قصة الضابط الإسرائيلي ادير غولدن بريطاني الجنسية والذي تربطه صلة قرابة بوزير الحرب الاسرائيلي يعالون، فلم يبادر أبو عبيدة بالحديث عن مصيره، لكن الإحتلال قال أن مقاتلي حماس خرقوا التهدئة بعد سريانها وخطفوا غولدن، أما على جبهة الناطقين بإسم حماس فقد تضاربت التصريحات نوعا ما حول مصير غولدن، فتارة تقول: لا نؤكد ولا ننفي، وتارة ثانية: الإحتلال من إخترق التهدئة، أما القسام ففي خضم هذه المعمعة أصدر بيانا مقتضبا أكد فيه أن الإحتلال بادر للتوغل البري نحو منطقة رفح وتصدت له قوات المقاومة، وفي النهاية إستقرت رواية القسام على أن مجموعة مقاتلين تابعين للكتائب فقدت القيادة الإتصال لهم خلال المعركة، ولم يعرف مصيرهم تماما كالضابط المفقود، والآن بعد أن وضعت الحرب أوزارها أين مقاتلو حماس وأين الضابط؟!.

 

دولة الإحتلال عادت وقالت أن الضابط غولدن قد فارق الحياة خلال المعركة في رفح، وأقامت له جنازة رمزية مهيبة، بينما هذا الأمر لم تفعله للجندي شاؤول، وهنا يضع مراقبون كثر علامات إستفهام حول هذا الأمر!.

 

عقب سريان التهدئة الأخيرة  وإنتهاء الحرب على غزة، خرج القيادي في حركة حماس مشير المصري أصغر نائب في المجلس التشريعي عمرا ليعلن بشكل صريح قائلاً: "نتنياهو تقهقر تاركا خلفه جنودا أسرى في أيدي القسام" !.

 

أما نص الآية القرآنية الكريمة: " ... فريقا تقتلون، وتأسرون فريقا .." فقد تكررت على لسان أكثر من شخصية اعتبارية في حركة حماس، وهذا الأمر بكل تأكيد ليس من باب الصدفة، حتى أن أحدهم في خطبة الجمعة بعد أن تلا الآية ووصل إلى "وتأسرون فريقا" قال بالحرف الواحد: "وهذا ما حدث بالضبط"!.

 

أيضا في نفس اليوم - أول خطبة للجمعة-  بعد إنتهاء الحرب على غزة، تابعت خطبة القيادي في حماس محمود الزهار، وأشار لموضوع الأسرى من الإحتلال، وعرج على قصة الضابط غولدن وأشار إلى أنه بريطاني الجنسية، وقال: "أقاموا له جنازة وهمية"! وهنا عزيزي القارئ ضع ألف خط تحت كلمة وهمية، فهي لم تصدر عن إنسان فيسبوكي ينتمي لحركة حماس!، فالدكتور الزهار ينتقي كلماته جيدا ويعرف الفرق بين "جنازة رمزية"، و"جنازة وهمية"!.

 

قد لا يتفق معي البعض إنطلاقا من إستغرابه المُنطلق من تساؤله: "لماذا تخفي حماس مصير غولدن وهي لم تخفي مصير شاؤول"؟!، أنا هنا ببساطة أرى أن تعقيدات قصة الضابط غولدن تفوق قصة شاؤول وظروفها، فالضابط بريطاني الجنسية تم فقد أثره في معمعة التهدئة سواء قبل سريانها بفترة قليلة جدا أو بعدها بفترة قليلة جدا أيضا، وبالتالي هذا الأمر جعل حماس وجناحها العسكري يتحفظان على الكشف عن مصير الضابط غولدن.

أمر آخر أود الإشارة إليه، إن حماس كتنظيم من خلال متابعته وجناحها العسكري أيضا كونه لا ينفصل عنها ويعد ذارعها العاملة في الميدان العسكري، تتعلم من تجاربها السابقة وتبني عليها لتحقق مكاسب إضافية أفضل، فهي لن تعطي أي معلومة مجانية عن مصير أي واحد من المفقودين الإسرائيليين، سواء كان شاؤول أو غولدن  أو غيرهما "إن وُجد غيرهما"، ويبدو أن قصة الضابط غولدن في قطاع غزة تشبه إلى حد كبير قصة الطيار رون أراد في لبنان، وهنا لا أستغرب فيما لو طالت فترة إنجاز صفقة وفاء الأحرار الثانية أكثر من شقيقتها الأولى.

مهما تضاربت الروايات سواء الفلسطينية أو الإسرائيلية حول موضوع الجنود الإسرائيليين المفقودين في غزة، إلا إن المسلّم هو أن هناك أكثر من شاؤول ولكن الأيام أو ربما السنين القادمة تجيب على السؤال: "كم أسيرا لدى حماس وهل هم أحياء أم جثث"؟!.


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة