تلفزيون نابلس
محمد الضّيف.. بين الواقع والأسطورة !!
8/26/2014 12:06:00 PM

كما لدى كل شعب حي و محتشد بالأحلام التي لا نهاية لها، ثمة، في كل مرحلة في مخاضة النضال الطويلة و المريرة التي يواصل الشعب الفلسطيني عبورها دونما كلل – ثمة فلسطيني من طراز محمد الضيف، يختلط فيه الواقع مع الأسطورة؛ كأنما الأخيرة دليل جمعي لا بد منه، على الجدارة في الحياة و الحرية ...

منذ 19 "آب" / "أغسطس" الجاري، حين ألقت "إسرائيل" نحو 12 طنا من الديناميت موزعة على 5 صواريخ من طراز GBU ( عند التاسعة و النصف ليلا )، أعادت الغارة الوحشية التي استهدفته بينما لم تطل سوى زوجته الثانية وداد عصفورة وطفليه "علي" و "سارة" إلى جانب فلسطينيين آخرين – أعادت إلى الواجهة من جديد حكاية المقاتل الفلسطيني محمد الضيف، حد أن الحكاية باتت إحدى تحديات الفلسطينيين في مواجهة عدو مدجج حتى الاسنان و ينهش لحم أطفالهم دون رفة جفن .

بينما تقول إحدى الحكايات الفلسطينية المتداولة عن حياة الضيف، أن الرجل ولد عام 1960، تقول حكاية أخرى أنه ولد عام 1965، غير أن الحكايتين اللتين لم تشيرا إلى الشهر الذي ولد فيه، تختلفان في ضبط حقيقة انتمائه العائلي؛ أهو من عائلة المصري أم من عائلة الضيف ؟!

"محمد الضيف" الذي يؤرق الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية منذ ثمانينيات القرن الماضي،تداولت عنه 4 حكايات أخرى، تقول إحداها أن الرجل الذي يشغل منصب القائد العام لكتائب القسام إسمه محمد ذياب إبراهيم عطية المصري، ولد في "إبريل" / "نيسان" عام 1965 و لقب بـ "الضيف" استنادا إلى إسم عائلته الصغيرة المنتمية لعائلة المصري، بينما تلفت الثانية إلى أن اللقب "أطلق عليه من قبل الشهيد يحيى عياش أو الشهيد أحمد عياش .. أو أسير كان مقربا منه إسمه حسن سلامة، مرجعة ذلك إلى أن الرجل اعتاد في بدايات نشاطه المسلح ضد الاحتلال على التنقل من مكان إلى آخر، درجة أنه كان يزور عائلته بشكل خاطف؛ كضيف، فيما تشير الثالثة ( استنادا إلى مصادر مقربة من العائلة ) إلى أن الحاج "إبراهيم المصري"، وهو جد "محمد" كان يلقب لسنوات طويلة بـ "الضيف" .. بينما تشير الرابعة إلى كنية "الضيف" إنما هي إسم عائلة والدته .

تعيش عائلة الفدائي المتخفي محمد الضيف غرب مدينة خانيونس ( في منطقة تعرف باسم "الحطوب" ) حيث ولد وترعرع مع 3 أشقاء و 4 شقيقات، هم بالترتيب : عمر، علي، يوسف"، منال، انتصار، نجاح و تساهيل"، حيث الأربع متزوجات، فيما يبلغ والده "ذياب المصري" من العمر 81 عاما، ينما توفيت والدته حليمة رمضان محمد الضيف في 14 كانون الثاني / يناير عام 2011، عن عمر ناهز 74 عاما، حيث ردد حينها أن "محمد" لم يستطع توديع والدته، لكن مصادر موثوقة أكدت أنه "زارها متخفيا في المستشفى حيث كانت تتعالج"، كما حضر ثاني أيام بيت العزاء لوقت قصير دون أن يلاحظ وجوده أحد؛ لأنه كان متنكرا تخوفا من رصد العملاء لتنقلاته .

 وفي قصة الحياة المتداولة للمقاتل المتخفي، يروى أن الفقر الذي عاشته العائلة أجبر "الضيف" على العمل في مهن متعددة في سن السادسة عشر إلى جانب دراسته، بينها مهنتا البناء و"الغزل" في مشغل والده، وسياقة السيارات لمدة شهرين فقط؛ إلى أن أنشأ مزرعة صغيرة لتربية الدجاج، فيما درس العلوم في الجامعة الإسلامية، حيث انتمى حينها إلى حركة حماس و بدأت حياته كمقاتل طريد من قبل الاحتلال بتهمة الانتماء للجناح المسلح للحركة – كتائب الشهيد عز الدين القسام .

في سياق الحكايات المروية عن حياة "الضيف"، قالت مصادر لـالقدس دوت كوم أنه تزوج المرأة الأولى ( من عائلة "ن" – 36 عاما ) منذ ما يزيد على 15 عاما وأنجب منها ثلاثة أبناء هم خالد و بهاء و خديجة، وهي لا تزال تشاركه حياته الخاصة، بينما تزوج من الشهيدة وداد عصفورة ( 28 عاما ) منذ نحو 4 سنوات، وبقي له منها على قيد الحياة طفليهما عمر و حلا"، حيث لفتت مصادر إلى أنها كانت زوجة الشهيد من القيادات الميدانية لكتائب القسام "بلال قصيعة" الذي قتل خطأً عام 2006 بالخطأ على أيدي عناصر من الكتائب .

 عملت الشهيدة "عصفورة"، كما تقول مصادر، "باحثة ميدانية في جمعية النور المختصة برعاية الأسرى والشهداء التي كان أسسها نائب "الضيف" الشهيد أحمد الجعبري، حيث الأخير – حسب المصادر - كان له دور في اختيارها زوجةً ثانية للضيف .. وأيضا، كما "حكايات المصادر"، فإن زوجته الأولى "أم خالد" تعيش برفقة والدتها، فيما يبلغ نجله "خالد" من العمر نحو 9 سنوات، وأيضا و أيضا : "حياة "أبو خالد" تختلف عن قيادات آخرى في كتائب القسام؛ فهو لا يمكن أن يعيش مع زوجته طوال الوقت، ولم يقف إلى جانب زوجتيه أو أطفاله، حتى في حالات الولادة أو المرض، بينما لا يسمح لأطفاله بالخروج للهو مع أقرانهم هنا أو هناك؛ حفاظا على حياتهم".

 و"الضيف" كبطل مقاومة .. تقول قصة الحياة الأكثر تداولا أنه بدأ نشاطه كمناضل ضد الاحتلال مع بدايات انتفاضة الحجارة عام 1987 .. وانضم لحركة حماس عام 1989 .. واعتقل 16 شهرا في السجون الإسرائيلية .. وأشرف على تأسيس "كتائب القسام" منذ اللحظات الأولى حين كانت تعمل باسم "المجاهدون الفلسطينيون" بقيادة الشهيد صلاح شحادة الذي اغتيل من قبل الاحتلال عام 2002 .. وشارك وأشرف على عشرات العمليات العسكرية و الاستشهادية.

و "المجاهد الضيف" – كما تقول عنه دولة الاحتلال - "رجل ذكي وحذر ويحسن التفكير، وقادر على التخفي بشكل كبير .. وجرت عدة محاولات لاغتياله"، بينها ما كشف " عنها "الضيف" في مقابلة مع موقع اليكتروني تابع لكتائب القسام عام 2005 عقب الانسحاب الإسرائيلي من القطاع : "ضابط مخابرات ( إسرائيلي ) كان ينسق مع رجل مشبوه حاول قتلي أنا وعدنان الغول ومن ثم الهرب، وكانت العملية معقدة ومركبة ولها تفصيلات كبيرة ولكنها فشلت"

 وبينها ( محاولات الاغتيال )، المحاولة عام 2001 حين أطلق الاحتلال صاروخا اتجاه سيارة كان يقودها "الضيف" إلى جانب الشهيد "عدنان الغول" .. والمحاولة عام 2002 بعد أن قصفت سيارة كان يستقلها في شارع الجلاء، حيث أصيب حينها في رأسه وفقد جزءا من البصر في إحدى عينيه؛ بعد معالجته في مكان سري من قبل الدكتور الشهيد عبد العزيز الرنتيسي .. والمحاولة عام 2003 حين هاجمت طائرة حربية إسرائيلية أحد الطوابق السكنية في منزل القيادي في "حماس" بحي الشيخ رضوان في غزة مروان أبو راس، حيث كان برفقة الشهيد الشيخ أحمد ياسين و إسماعيل هنية و قيادات أخرى من حماس، لكنهم نجوا جميعا .. والمحاولة عام 2006، حين هاجمت طائرات حربية منزلا لعائلة أبو سلمية في حي الشيخ رضوان واستشهد 10 من أفرادها، حيث تبين أن "الضيف" كان يجتمع في الطابق السفلي من المنزل مع قيادات "كتائب القسام" في قطاع غزة، وقد أصيب حينها إلى جانب عدد منهم، فيما قالت مصادر لـ القدس دوت كوم ، أن "الضيف" وصل عقب الهجوم إلى مستشفى الشفاء وقد ظهر عليه الشلل، ولكن لم تبتر أي من أجزاء جسده كما روج البعض، مضيفة أن أنه تلقى حينها علاجا خاصا لمدة تزيد على العام و نصف العام؛ حتى استعاد القدرة على الحركة باستخدام العكاكيز ومساعدة شخص أو شخصين .

 قالت مصادر أن محاولة الإغتيال الاخيرة التي استهدفت "الضيف" وأعادت إلى الواجهة "حكاية بطل فلسطيني"، فشلت هي الأخرى في النيل من حياته، مشيرة إلى أنه لم يكن في المنزل حين قصف وكان قد غادره قبل ساعات من الهجوم الإسرائيلي في 19 "آب" الجاري.. وهي محاولة – كما أشارت مصادر إعلامية إسرائيلية - نفذتها طائرات إسرائيلية من طراز F15  وألقت صواريخ تدمر أهدافا تحت الأرض، حيث ألقيت 5 صواريخ تزن نحو 12 طنا، ويصل وزن الصاروخ الواحد 2 طن وربع ( بمعدل 2.273 كغم ) وطوله 7.6 متر، وقطره 711 ملم، وهذه الصواريخ من طراز GBU الأميركية الصنع ويبلغ تكلفة الصاروخ الواحد منها 145 ألف دولار.

 في الإطار، كتبت "هآرتس" الإسرائيلية خلال الأيام القليلة الماضية تقريرا مفصلا عن الفدائي "الضيف" قالت فيه أنه "المطلوب الأول لإسرائيل منذ 20 عاما"، فيما أشار مصدر إسرائيلي إلى أنه اختفى قبيل بدء الحرب تحت الأرض، بينما زعمت القناة العاشرة الإسرائيلية، أول أمس، أنه ظهر بعد منتصف الليلة الأولى من اتفاق الهدنة الأخيرة لخمسة أيام وتم رصده وتنفيذ محاولة اغتياله "بعد خرق الهدنة".

 وحسب "هآرتس" أيضا، فإن "المجاهد "الضيف" أشرف على مشروع حفر شبكة الأنفاق في غزة، مشيرة إلى علاقات سابقة له مع محمد دحلان الذي كان يعيش في خانيونس، كما أشارت إلى إلى مسؤوليته عن عملية اختطاف "ناخشون فاكسمان" و الجندي "فرانكتال" وعلمه بعملية اختطاف "شاليط" ومسئوليته عن عشرات العمليات المسلحة، سواء في المدن الإسرائيلية أو في مستوطنات غزة عند بداية الانتفاضة الثانية، لافتة إلى اتهامات ضده لمسئوليته عن مقتل 3 مستوطنين في هجوم على مستوطنة "إيلي سيناي" عام 2002 ، ومسئوليته عن تفجير قارب صيد ومقتل جنديين، وعملية قتل 5 مستوطنين من المدرسة الدينية في مستوطنة "غوش قطيف" وغيرها من العمليات التي قتل فيها إسرائيليون

عائلة القائد الضيف

والد الشهيد واقاربه

خلال جنازة والدته

خلال جنازة والدته 

 


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة