تلفزيون نابلس
فاطمة أصبحت عُدي بثلاث عمليات طبية وبضع حقن !
9/21/2010 9:50:00 PM
قصّت فاطمة -الفتاة الرقيقة- شعرها الطويل المنسدل على كتفيها، وتخلصت من ثيابها الأنثوية، وغيرت قاموسها اللغوي من صيغة إلى أخرى وتحولت إلى 'عُدي'؛ الفتى الخشن ذي الصوت الغليظ الذي يحلق لحيته باستمرار ويلبس بنطالاً وقميصاً وربطة عنق، ويرتاد مدرسة الذكور، ويتحدث عن الأمور والاهتمامات الرجالية كأنواع السيارات مثلاً بدلاً من الحديث عن تسريحات الشعر ولون الأظافر وآخر صيحات موضة الثياب كما تفعل الفتيات في العادة؛ ففاطمة لم تعد بعد الآن أنثى بل أصبحت ذكراً قلباً وقالباً طاويةً صفحة دامت لمدة خمسة عشرة عاماً.

مثيرٌ للفضول التحدث إلى عُدي وغريب ومزعج في ذات الوقت؛ فبأي لغة ستخاطبه وهو الفتاة قديماً والشاب حديثاً؛ فكيف لا تخونك اللغة وأنت تعرف أن الذكر الذي يتحدث إليك كان يوماً ما فتاةً؛ أفستقول له (أنتَ) أم (أنتِ) يا ترى، وهل سيتقبل أو تتقبل أن تتحدث عن تجربة تحولها الجنسية أم أن الأمر سيكون صعباً نوعاً ما، كل هذه التساؤلات سترافقك إلى حين أن تلتقي به أو تحادثه؛ فطريقة ترحيبه وبشاشته وتقبله للأمر يعطيك الثقة ويزيل ذلك الشعور الممزوج بالتردد والخوف ويطلق العنان لفيض من الاستفسارات بهدف إشباع الفضول والاستيضاح.

عدي عبد ربه -فاطمة قديماً- شاب غزي في السادسة عشرة من عمره، برصيد ثلاث عمليات تحول جنسية أجراها منذ حزيران 2009 آخرها كان قبل شهرين وباقي في الحسبان عملية أخيرة لإنهاء كافة الأمور الجسمانية اللازمة لعملية التحول، ناهيك عن حقن تقوية الهرمونات الذكرية التي يأخذها بين الفينة والأخرى من أجل استكمال العلاج الذي يتلقاه في مشفى العودة في غزة بإشراف أجنبي من قبل وفد طبي كان قد أتى إلى غزة العام الماضي.

بدأت الحكاية بعد الحرب الأخيرة مباشرة، فحين اضطرت العائلة للمبيت في المستشفى إثر إصاباتٍ ناجمة عن هدم البيت والقصف المستمر اكتشف الطبيب الذي يعاين عدي 'فاطمة' خللاً معيناً في جهازه/ها التناسلي، فقام بتحويل المريض/ضة إلى طبيب مختص الذي بدوره أجرى كافة التحاليل والفحوصات اللازمة ليكتشف أن فاطمة هي أنثى في شكلها الخارجي فقط لكنها ذكر في الحقيقة، فنصح العائلة بإجراء عملية تحول ليعود الأمر لما كان مقرراً له أن يكون.

بالطبع صدمت العائلة في البداية إلا أن فاطمة لم تكن كذلك: 'شعرت بإحساس غريب وبشعور في الرضى ولمسة من السعادة غير معروف مصدرها ..  بل جل ما كنت أعرفه وأحس به أنني أخيراً سوف أطير وأحلق عالياً دون أي معيقات أو حواجز أو أزمات'، هذا ما كانت تشعر به فاطمة فور إخبارها بضرورة تحولها، وقد وافقت فوراً على إجراء العملية دون أي تردد بينما وافق والداها على مضض.

قرابة الدم هو السبب الذي أعطاه الأطباء للوالدين اللذين قاما بزيارة العديد من الشيوخ وأهل الاختصاص من أجل التأكد من جواز التحول دينياً في حين كانا متأكدين أن هذا الأمر سيكون صعباً نوعاً ما اجتماعياً، لكنهما بالرغم من كل ذلك قد مضيا في الموضوع؛ فتقول الوالدة التي تبدو في حالة رضىً تام بعد عام أو أكثر من عملية التحول: 'هذا شيء من عند ربنا وينبغي تقبله ولا يجوز التمرد عليه، ربنا خلق عدي هكذا وانتهى الأمر'.

لم تكن الفحوصات هي وحدها التي أظهرت أن فاطمة تميل إلى الذكورة أكثر من الأنوثة، بل كان الإحساس الداخلي أقوى وأشد من أي فحوصات أو تحاليل: 'أنا أشعر أنني رجل قوي بنسبة مليون في المئة، كنت بهيئة أنثوية لكن مشاعري كانت ذكورية، لهذا فأنا الآن أشعر أنني في مكاني بعد أن كنت ضائعاً خارج وسطي الطبيعي' لهذا فإن عدي قد حرق جميع صوره القديمة وأغراضه الأنثوية وثيابه وربطات الشعر وكل ما يذكّره بحياته القديمة، حتى صديقاته المقربات لم يعد يتحدث إليهن رغبة منه في طي صفحة الماضي والمضي قدماً في حياته الجديدة.

أما الوالدة فتصف مدى صعوبة هذا الأمر ووقع الصدمة عليها، ففتاتها المدللة التي كانت تخطط أن تزوجها وتفرح بها وبأولادها وتلبسها الفستان الأبيض ستصبح شاباً وستضيع الأحلام هباءً إلا أن ذلك الشعور سرعان ما تبدد بعد أن تعود الوالدان على الأمر: 'في البداية كان الأمر في غاية الصعوبة، فقد قلبت حياتنا رأساً على عقب في لحظة واحدة ولم نعد ندري ماذا نفعل، والأصعب من ذلك تغيير قاموسنا اللغوي الذي نستخدمه في التحدث مع فاطمة، فهي الآن 'هو'، إلا أننا في النهاية قد تقبلنا الأمر كما تقبل من حولنا ومجتمعنا ذلك'.

فاطمة الآن أصبحت عدي -الشاب القوي- وهي ليست نادمة على ذلك إطلاقاً كما يبدو واضحاً من ترديدها: 'أنا أندم على كل لحظة قضيتها في عالم النساء ولو عرفت أنني رجل لكنت أجريت العملية منذ البداية'، ناهيةً حديثها بالقول: 'أنا سعيد الآن وهذا هو لب الموضوع'.


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة