تلفزيون نابلس
26 ألف سيارة بيعت منذ العام الماضي حتى نهاية تموز سيارات عبر القروض.. تحاربها الحكومة ويدمن عليها المواطن
8/27/2015 9:55:00 PM

 بقلم ..عبد اللطيف حجاوي

تشهد شوارع المدن الفلسطينية انتشاراً كبيرا للسيارات حديثة الإنتاج عالميا. ولكن ماهي الدوافع وراء تسابق الناس إلى اقتناء هذه السيارات في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر فيه فلسطين؟

منذ أن استلم د. سلام فياض رئاسة الحكومة الفلسطينية عام 2007، وهو صاحب مشروع دولة المؤسسات، شهدت الأراضي الفلسطينية تغيرات هامة وجديدة طالت كافة مناحي الحياة وخاصة الاقتصادية، حيث أصبح بإمكان المواطن التوجه للبنوك والحصول على قرض سكني، تمويل لمشروع أو حتى شراء سيارة يستخدمها في تنقلاته، أو لتزويج أحد ابنائه.

 أرقام وحقائق

بلغ حجم مجمل القروض حتى نهاية العام الماضي 3.656 مليار دولار أميركي، كان منها قرابة 34.6 مليون دولار هي قروض لشراء السيارات فقط، بينما بلغ مجمل القروض الاستهلاكية خلال الربع الأول من العام الجاري حوالي 977.7 مليون دولار أميركي.

واظهرت سجلات وزارة المواصلات أنه خلال العام الماضي تم تسجيل ما يقارب 16 ألف مركبة جديدة كان حوالي 40% منها كانت مركبات وكالة (صفر كيلومتر)، حوالي 5 الاف مركبة منها كانت من انتاج العام نفسه، وما يقارب 13 ألف مركبة سجلت على انها سيارات خصوصية، فيما حققت محافظة رام الله والبيرة أعلى نسبة تسجيل للسيارات خلال العام الماضي.

واظهرت سجلات الوزارة انه حتى تاريخ 27 تموز 2015 تم تسجيل ما يزيد على العشرة آلاف مركبة منذ بداية العام.

وحسب سجلات اتحاد مستوردي السيارات فقد أظهرت النتائج أنه حتى نهاية شهر أيار من العام الجاري تم تسجيل ما يقارب 1300 سيارة خصوصية، منها تقريبا 300 سيارة "جيب"، من أصل 10 آلاف مركبة سجلت منذ بداية العام الجاري فقط.

تقدم البنوك تسهيلات كبيرة على قروض السيارات تصل إلى إعطاء قرض يغطي ما نسبته 80-100% من ثمن السيارة، ولفترة سداد تصل إلى 8 سنوات، ويصل قيمة المبلغ المدفوع شهريا إلى 40% من قيمة راتب المقترض.

 مصادر المركبات

أكد مدير عام الشؤون والتخطيط في وزارة النقل والمواصلات سائد موقدي أن هناك ثلاثة مصادر أساسية للمركبات في فلسطين، وهي: استيراد المركبات الجديدة من الخارج من خلال الوكالة أو استيراد شخصي، واستيراد المركبات المستعملة من الخارج، أو تحويل المركبات ذات أرقام التسجيل الإسرائيلية إلى فلسطينية، مضيفا أن القيود التي تضعها الوزارة على استيراد المركبات من الخارج تشمل فقط المركبات الجديدة، والمتمثلة في نوع وطراز المركبة فقط.

دوافع التسابق

وحول أبرز الدوافع وراء شراء السيارات الحديثة قال رئيس اتحاد مستوردي السيارات الحديثة ماهر نمر إن: "الدوافع الرئيسية وراء اقبال المواطنين على شراء السيارات الحديثة يعود لسببين رئيسين هما التسهيلات التي تقدمها البنوك، والعروض والخدمات التي تقدمها شركات السيارات للزبائن".

من جانبها قالت مديرة قسم المحاسبة في شركة “MENA” لتجارة السيارات آيات حمّاد أن الشركة تقدم للزبائن عدة طرق لتسهيل شراء المركبات، مثل الشيكات، أو من خلال القروض البنكية، أو الدفع نقدا، مضيفة أن معظم الزبائن يفضلون الشراء من خلال البنوك.

وفي ذات السياق قال استشاري المبيعات في الشركة الفلسطينية للسيارات عادل الرمحي إن الشركة تتيح للزبائن إمكانية الشراء من خلال التأجير التمويلي (التأجير المنتهي بالتمليك)، بالإضافة إلى الطرق المعروفة لدى باقي الشركات، حيث يستطيع الزبون شراء السيارة من خلال دفع أقساط شهرية للشركة دون وساطة البنك وعند سداد كافة الأقساط يتم نقل ملكية السيارة للزبون.

وأضاف الرمحي أن غالبية زبائن الشركة يفضلون شراء السيارات نقدا وخاصة السيارات التي يقل سعرها عن 70 ألف دولار.

 الحاج: الاقبال نفي لشكاوى المواطن الاقتصادية

"الحال" اتصلت مع الخبير الاقتصادي طارق الحاج، حيث قال إن الاقبال على شراء السيارات الحديثة في أي بلد هو دليل على مستوى الرفاهية التي تعيشها هذه البلد، أما فيما يتعلق بفلسطين فإن الاقبال على شراء السيارات الحديثة يعطي انطباعا أن الحال الاقتصادي الذي يشتكي منه المواطن الفلسطيني هو غير صحيح، حيث إن شراء السيارات الحديثة يعني أن هناك فائض دخل وزيادة في المدخرات.

ويرى الحاج أن هذا الوضع انعكس إيجابيا وسليبا في الوقت ذاته، إيجابيا كونه يزيد من ايرادات خزينة الدولة سواء من خلال الضرائب التي قد تصل إلى ما يقارب 75% من قيمة تقدير المركبة حسب ما هو متعارف عليه في السوق الفلسطيني، أو من خلال النفقات التي تصرف على تحريك هذه السيارات من وقود أو تأمين وحتى صيانة المركبة.

وأضاف الحاج أن السلبيات الناتجة عن الاقبال على شراء المركبات الحديثة وخاصة في ظل ما تقدمه البنوك من تسهيلات لشراء المركبات هو ما يشجع الفرد على شراء السيارات الفارهة الأمر الذي يرهق كاهل المواطن الفلسطيني ماديا في سبيل سداد أقساط السيارة تجنبا لاحتجازها، بالإضافة إلى خلقه لنوع من الوضع الاجتماعي النفسي للإنسان في مجتمعه، وخاصة في ظل انتشار ظاهرة المباهاة والتفاخر.

 دراغمة: نسبة الفوائد وصلت 26%

من جهته قال الخبير الاقتصادي هيثم دراغمة إن السلطة حاولت الحد من الاقبال الكبير على شراء السيارات عبر البنوك من خلال رفع قيمة الفائدة على قروض السيارات لتصل إلى نسبة 26%، وذلك بسبب وعي الحكومة إلى الضرر الكبير من الاقبال على قروض شراء السيارات.

وأضاف دراغمة قائلا "الحركة المالية الوحيدة هي من الموظفين، وفي حال انقطاع الرواتب ستتوقف هذه الحركة، وبالتالي العجز عن السداد للبنوك"، مضيفا أن هذا الاقبال الكبير يؤثر سلبا على الاقتصاد الفلسطيني لأن مصروفات المواطن ستتحول من الأساسيات إلى الكماليات.

وحول التأجير التمويلي يقول دراغمة: "أرباح شركات تجارة السيارات في مثل هذه الحالة تكون مضاعفة، حيث ان الشركة تكون قد حصلت على ثمن السيارة غالبا بعد دفع القسط الخامس أو السادس"، حيث إن أسلوب الشراء هذا اوجدته الشركات كمحاولة للتسهيل حصول المواطن على سيارة وخاصة بعد رفع الحكومة لسعر الفائدة عبر البنوك.

وأضاف دراغمة أن اقبال الناس على شراء السيارات الحديثة يعود في الغالب إلى رغبة المواطن في المباهاة والمحاكاة.

خلاصة القول: في ظل استمرار الاقبال على شراء السيارات سواء من خلال البنوك أو من خلال شركات السيارات دون وساطة البنوك، والقيام بما لا طاقة للمواطن به فعلا، والانشغال بالأقل أهمية عن الأكثر أهمية وفي ظل استمرار حب الناس للمباهاة والتقليد، ربما ينطبق المثل الشعبي على حالنا حين قال: "لولا الغيرة ما حبلت الأميرة". 


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة