تلفزيون نابلس
الموهبه هي النجاه ...عازف البيانو
8/26/2015 6:51:00 PM

بقلم عالية سويلم : الحديقه الخلفيه لبيتي, يملأها الشوك, كان يفترش الارض بكافة اشكاله.احضرت المشط وبدأت بتمشيط الارض من شوكها, وجمعت كل تلك الاشواك واللتي لا فائده منها في كومه كبيره, واشعلت النار.

 حرقت اشواك حديقتي لكني لم اكن اعلم ابدا,أني بالعاشره ليلا على موعد مع فيلم لعازف البيانو اليهودي الاصل لارى كيف يجمع البشر في اكوام ويتم حرقهم كالاشواك.

الفيلم كان يدور حول, شاب يسكن وارسوعاصمة بولندا واكبر مدنها. ترجع جذوره الى عائله يهوديه بولنديه تبدو مثقفه وذو وضع جيد. الشاب يدعى فالديك  شبيلمان ويتقن العزف على البيانو في الاذاعه البولنديه. عام 1939  تعرضت المدينه للغزو الالماني, ومن ثم جرت المجريات الى الحرب العالميه الثانيه, وشنت المانيا حربها على الاتحاد السوفيتي , واصدر هتلر اوامره بالقضاء على اليهود اينما وجدوا بطريقه او بأخرى.ومن ثم تم تجميع اليهود في احياء وعزلهم عن باقي سكان الدوله, وعانوا التجويع والفقر الى درجة الموت,ومن بقي منهم أحياء  تم نقله الى معسكرات الاباده.

ما دخل الموهبه في كل ما سبق؟

عند البدء في ترحيل عازف البيانو(شبيلمان) الى معسكرات الموت والاباده واثناء سيره مع والديه,اختاره جندي يهودي من المتعاونين مع الالمان,ومسك بذارعه الى ان نزعه من بين عائلته فأعاده الى الخلف مع من نجوا من جهنم الموت النازي,لكن الشاب صرخ ينادي اهله الذين ذهبوا لحتفهم.

عازف البيانو بمساعدة اشخاص من بولندا قدروا مدى موهبته في العزف,تمكنوا وبصعوبه بالغه من تأمين ملاجىء عديده  للعازف كي بختبىء من ظلم الالمان في ذاك الوقت, الى ان تقطعت به السبل واختبأ عن طريق الخطأ في احدى البنايات اللتي تخص الجنود الالمان, وفي اثناء بحثه عن طعام وجد علبه وحاول فتحها,فهربت منه تلك العلبه الى ان استقرت تحت قدم ضابط الماني والذي حضر للمكان فجأه, فسأله: من انت؟ هل انت يهودي؟ فلم يجيب العازف بأي كلمه من شدة خوفه, فاستطرد الضابط الالماني قائلا:ماذا تعمل؟ فأجاب بصوت خافت ضعيف,انا عازف بيانو. فقال له:  اتبعني, فتبعه الى غرفه فيها بيانو قديم, ثم قال له اعزف, فعزف شبيلمان للضابط الالماني وأعاد له بألحانه وموهبته انسانيته اللتي دفنتها الحروب والظلم, ذهل الضابط الالماني بموهبته ومن ثم قال له ارني اين تختبىء.

رافق الضابط العازف اليهودي الى المكان حيث يختبىء. ومن ثم  اعطاه الامان وقدم له الطعام كلما تمكن من ذلك. بعد ان دمرت الحرب الالمانيه وارسوا لم تنتهي الحرب العالميه الثانيه الا بسقوط المانيا, ومن ثم تمكن العازف من الظهور من مخبأه والعوده  بموهبته اللتي انقذته من المحرقه ليعزف من جديد في اذاعة بولندا.

القصه طويله ومشوقه, وعازف البيانو قصه حقيقيه لشاب يهودي , كتب قصته بيده, وما شهده من احداث ابان الحكم النازي. الا انه فارق الدنيا عام 2000 عن عمر يناهز 88 عاما. المخرج رومان بولانيسكي  قام بتحويل قصة العازف لفيلم مدهش, يتطرق فيها لاكثر من موضوع بشكل لامع وذكي عبر موهبة البطل ادريان  برودي والذي تقمص فيه دور العازف اليهودي  عام 2002.

 الفيلم كلف ما يعادل 35 مليون دولار,واستحق العديد من الجوائز كجائزة اوسكار أفضل ممثل وسيناريو, وافضل مخرج.

  أستطاع  الفيلم عن طريق مخرجه ان يبرز نواحي عديده من السلوك البشري .  فمن ناحيه أوضح ان اشخاص من اليهود تعاونوا مع الالمان ضد اليهود انفسهم, ومن ناحيه اخرى ورغم بشاعة ما ارتكبه الالمان ضد اليهود الا انه تمكن من ابراز الجانب الانساني في الضابط الالماني الذي عرض حياته للخطر اثناء مساعدته لعازف البيانو في الاختباء وتوفير الطعام له. واخيرا اظهر كيف ان الموهبه الفذه لذلك الفتى اليهودي في العزف على البيانو كانت سببا رئيسيا في نجاته من المحرقه بغض النظر عن عرقه أولونه.

 ومن هنا يمكننا القول انه وبالرغم من ان الحروب والاحتلال تفقد الانسان قيمته كانسان الا ان الموهبه لديها القدره في ان تعيد للانسان كرامته وقيمته الحقيقيه اينما كان.

 عاليه سويلم...


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة