تلفزيون نابلس
نكبة العقول فتحي بوزية
5/14/2009 9:26:00 AM
 

في مثل هذه الأيام من عام 1948 خسرت الجيوش العربية الحرب في فلسطين أمام إسرائيل وعصاباتها المحاربة آنذاك شتيرن و الأرغون و الهجاناة والتي شكلت بعد الحرب نواة الجيش الإسرائيلي واصطلح على تسمية هذه المأساة بالنكبة ومنذ ذلك التاريخ تقوم إسرائيل بالاحتفال باستقلالها ويحيى الشعب الفلسطيني ذكرى النكبة وليس خافيا على احد العذابات التي لحقت بالشعب الفلسطيني وهو يرحل عن أهله ووطنه ولنحاول رسم الصورة في أذهاننا كيف كان يحزم الفلسطيني ما يستطيع حمله من أمتعته وأبناءه ويهاجر تحت جنح الظلام تاركا وراءه الأرض والحلم والذكريات وهذه قمة المآسي ونعرف أيضا كيف كانت العصابات الصهيونية تجمع الفلسطينيين من الذين لم يغادروا تحت جنح الظلام وتجبرهم على الرحيل وكانت تأخذ الأوامر العسكرية من القادة العسكريين ومنهم بن غوريون الذي سألوه ذات مرة ماذا نفعل بهم أشار بيده نحو الشرق أي هجروهم وحدثت النكبة ونقول أن الصورة لا يستطيع رسمها فنان أو كاتب أو مؤلف فالعذابات كبيرة والمعاناة عظيمة ولكن الأمل أعظم. كان الأمل وما زال يراود كل المهجرين بالعودة ولو بعد حين وما زال المهجرين يحملون مفاتيح منازلهم ويحملها جيل بعد جيل وهذا من أعظم أسرار بقاء القضية الفلسطينية حية حتى اليوم ونحن نذكر فقط أن آباء الصهيونية كانوا يقولون أننا شعب بلا أرض وجئنا إلى أرض بلا شعب ولكن الأيام والسنين أثبتت كذب ادعاءاتهم فالشعب الفلسطيني صاحب الأرض ومفاتيح المهجرين من أبناءه حطمت حلمهم لأن أصحاب الأرض ما زالوا يطالبون بحقوقهم التي سيحصلون عليها إن شاء الله ولو بعد حين وبعد كل هذه العقود وما واكبها من نكسات وعذابات وجراح ومعاناة للشعب الفلسطيني إلا أن قضيته ما زالت حاضرة وبقوة تفرض نفسها على أجندات كل الدول ومنها العظمى فلم تفت هذه الآلام والجراح من عزيمة الشعب الفلسطيني ولم تزد النكبة هذا الشعب إلا ثباتا و إصرارا على الانعتاق من الاحتلال وقدم لذلك الآلاف المؤلفة من الشهداء والجرحى على مذبح الحرية والاستقلال فالنكبة وذكراها ونحن على أعتاب أحياء هذه الذكرى لم تنل من الشعب وعزيمته ولكن هناك نكبة خطيرة جدا تهدد وجود هذا الشعب ورياحها تعصف بقضية وهي نكبة العقول إن الانقلاب الذي حصل في غزة وما تلاه من انقسام للشعب الفلسطيني والوطن الفلسطيني يشكل النكبة الحقيقية التي إذا ما استمر هذا الانقلاب والانقسام فقضية الشعب في مهب الريح .

إنني كدارس للشؤون الإسرائيلية ومتخصص فيها أقول أن أخطر مرحلة تمر على الشعب الفلسطيني هذه المرحلة مرحلة الانقسام ولم يمر مثيل لها عبر المراحل العصيبة التي خلت لذا لا بد من العودة عن الانقلاب قبل فوات الأوان لأن الخاسر الوحيد هو الشعب الفلسطيني بكل ألوان طيفه السياسي والرابح الوحيد هو الاحتلال الإسرائيلي وهذه الحكومة اليمينية المتطرفة .

 


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة