تلفزيون نابلس
سجن تدمر.. محرقة لآلاف السوريين والعرب فأين ذهب معتقلوه
5/22/2015 3:37:00 PM

 عندما تذكر مدينة تدمر على مسامع السوريين، فإن الآثار الرومانية وزنوبيا والقلعة الأثرية والبادية، ليست كل ما يخطر ببالهم، ففي الذاكرة السورية قصص لا تنتهي عن فظائع سجن تدمر العسكري، الذي زُجَّ فيه عشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين، خلال أحداث الثمانينيات وما بعدها.

ولعل رواية “القوقعة” للكاتب مصطفى خليفة، من أشهر ما كُتب عمّا جرى بداخل السجن، من تعذيب وإعدامات تناقل السوريون تفاصيلها في مجالسهم الخاصة، ودوائرهم الضيقة.

ويأتي خروج المدينة وسجنها من قبضة نظام الأسد، لأول مرة في تاريخيه ليذكّر بمأساة السجن، التي لم تنتهي منذ أن شيد في العام 1966 على يد مصطفى طلاس وزير الدفاع السوري الأسبق.

وسيطر تنظيم “الدولة”، على مدينة تدمر وقلعتها الأثرية في ريف حمص الشرقي بشكل كامل، بعد اشتباكات دامت 7 أيام مع قوات النظام.

ذكر العميد السوري المنشق أحمد رحال، أن تنظيم “الدولة” قام بفتح بوابات سجن تدمر العسكري سيء الصيت، وتم إطلق سراح عدد كبير من المعتقلين بينهم 27 لبنانياً محتجزون منذ أيام الحرب الأهلية اللبنانية.

وأضاف العميد رحال “إن النظام السوري ترك بوابات سجن تدمر العسكري مغلقة لأيام قبل أن يهرب من المدينة، وأن تنظيم الدولة هو من قام بتحرير السجناء”، مبيناً أن من بين المحررين من السجن “27 لبنانياً 5 منهم مسيحيون.

ونفى العميد المنشق أن يكون النظام السوري قد أغلق سجن تدمر قبل الثورة السورية، وأنه عاد وافتتحه بعدها، إذ أكد أن “السجن كان مفتوحاً ويستقبل المعتقلين والسجناء بشكل دائما، وأن فيه نزلاء قضوا فيه نحو 35 عاماً.

وتوقع رحال أن يكون النظام قد أقدم على تصفية عدد من المعتقلين الذي يصنفهم من فئة الخطرين، ونقل بعضهم إلى معتقلات أخرى كسجن صيدنايا سيء الصيت وسجن عدرا، أمثال معتقلي جماعة الإخوان المسلمين، وبعض المعتقلين اللبنانيين، والضباط المنشقين، كما فعل سابقاً في معتقلات إدلب وجسر الشغور.

ولفت الرحال إلى أن “السجن يضم بين 2000 إلى 11 ألف معتقل موزعين على عدة عنابر العنبر السياسي والعنبر الجنائي وعنبر الجرائم العسكرية الذي يضم منشقين عن نظام الأسد

من جهته ذكر فضل عبدالغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان  أن لديه معلومات تشير إلى قيام النظام بنقل معتقلين من السجن إلى منطقة الساحل السوري معقل الأسد وقواته.

وأضاف عبدالغني “أن النظام قام بتصفيه نحو 90% من المعتقلين المتواجدين في السجن والذين اعتقلهم بعد الثورة السورية، وهذا لا ينطبق فقط على سجن تدمر بل على جميع سجون ومعتقلات نظام الأسد.

لطالما سمع السوريون باسم سجن تدمر إلا أنهم كانوا يخافون ذكره من هول القصص التي تتسرب من بين جدرانه.

وشهد السجن مجزرة شهيرة جرت في العام 1980 في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد، وأودت بحياة مئات السجناء من مختلف المستويات الاجتماعية والسياسية، غالبيتهم محسوبون على جماعة الإخوان المسلمين المعارضة.

كما وثقت منظمات حقوقية سبع مجازر جماعية في سجن تدمر وقعت خلال الأعوام 1980 و1981 و1982 وراح ضحيتها مئات السوريين، فضلاً عن تنفيذ النظام لإعدامات جماعية لم تتوقف بحساب معتقلين سابقين إلا في العام 1994، وعاد النظام ليقوم بالإعدمات الجماعية بعد الثورة السورية.

وتحدث معتقل سابق عن حالات التعذيب التي تعرض لها عندما اعتقله النظام في العام 1981 عندما كان عمره 14 عاماً، ولم يطلق سراحه إلا في العام 1993، وذلك بعد اتهامه بالإنتماء لجماعة الإخوان المسلمين.

وقال صفوان الحسين المعتقل السوري السابق في تدمر: “قذفوني مع أفراد آخرين من السيارة الى الأرض، هذا الاستقبال الحافل بالصفعات والركلات ولسع الكرابيج والشتائم.

وأضاف: “كان منظر الجدران الصفراء وهم يسوقونا للزنازين عليها آثار طلقات الرصاص وبقايا الدم المتجمد على الجدران الداخلية، كانت ذكرى تركها مئات من السجناء الذين قتلوا في مجزرة السجن عام 1980 على يد قوات أسد.

وتابع الحسين: “لم يترك سجانوا النظام وسيلة للتعذيب أو الإهانة إلا واستخدموها في تدمر، مرت علينا أيام كنا إن رأينا الكرباج نستبشر لأنه أخف وطأة من الرفس بالبسطار العسكري أو الضرب بقضبان الحديد.

واستطرد المعتقل السابق: “مات الألاف في سجن تدمر شنقاً أو قتلوا تحت التعذيب أو بسبب الأمراض، لقد صدق السوريون عندما قالوا عنه (الداخل مفقود والخارج مولود)، وأنا كنت من المحظوظين بالولادة من جديد.

ولا يقتصر سجن تدمر على المعتقلين السوريين وحسب، إذ ضم السجن معتقلين من الجنسية الأردنية والفلسطينية واللبنانية، علماً أن النظام أنكر مراراً وجود معتقلين عرب في سجونه.

وفي هذا الإطار ذكرت الرابطة السورية لحقوق الإنسان، أن عدد المعتقلين اللبنانيين الموجودون في السجون السورية نحو 491 معتقل، إعتقالهم النظام السوري خلال الحرب الأهلية في لبنان، أو اختطفهم حزب الله وسلمهم إلى النظام السوري، وهو موزعون بين سجن صيدنايا وسجن تدمر.


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة