تلفزيون نابلس
هجرتهم وأنهكتهم الحروب.. 160 ألف طالب حرموا جامعاتهم بالعراق
5/22/2015 9:52:00 AM

 دفعت العمليات العسكرية التي شهدها العراق، بعد أحداث العاشر من يونيو/ حزيران الماضي، وما أعقبها من انتشار كثيف للمليشيات، على إثر فتوى الجهاد الكفائي، التي أطلقها المرجع الديني الشيعي، آية الله علي السيستاني، إلى ترك الطلاب مقاعدهم الدراسية في الجامعات، والبحث عن عمل بعد أن تهجروا من مدنهم؛ بسبب سيطرة تنظيم “الدولة” عليها، أو بعد الاستهداف الطائفي الذي أجبرهم على الهروب منها.

في الطرقات والساحات العامة، يتجمهر العشرات من الشباب الجامعيين، مع أعداد أخرى من العمال منذ ساعات الفجر الأولى، بحثاً عن عمل بأجر يومي، ولا يكاد يُميَّزُ الطلاب الجامعيون عن غيرهم من العمال، الذين سلكوا طريق العمل بالأجر اليومي منذ سنين، فهم يرتدون ثياب العمل ذاتها، والوجوه يعلوها الكلوح وآثار حرقة الشمس.

ضرغام محمد، 22 عاماً، وهو طالب في المرحلة الرابعة في كلية العلوم قسم البايولوجي في جامعة الموصل، يقف مع العشرات من الشباب بعضهم طلاب جامعيون، يترقبون الباحثيين عن عمال، خاصة في مجال البناء والترميم، وفي لحظة ما تراهم يهرعون راكضين نحو رجل أشار بيده يطلب عاملاً لإنجاز عمل ما، وكل واحد منهم يمني نفسه أن يكون صاحب هذا الحظ.

وضرغام الذي كان يحلم بالتخرج، وتحقيق ذاته عبر شهادته الجامعية، صار أحد هؤلاء، اختار ساحة للعمال وسط كركوك التي هرب وأهله إليها، يُبكر كل يوم إلى تلك الساحة، حاملاً في حقيبته عدة العمل، عله يحظى بعمل في ذلك النهار، يحصل من خلاله على شيء من المال.

يقول ضرغام: “رغم قلة خبرتي في مجال البناء وبعده عن مجالي تخصصي الدراسي، إلا أنني مضطر إلى العمل، سواء كعامل بناء أو أي عمل آخر، غير آبه بالتعب والكلام الجارح من بعض الأشخاص.

وأضاف أن “سيطرة داعش على مدينة الموصل، وما أعقبها من عملية نزوح جعلتني والكثير من الطلاب ندفع الثمن غالياً، فالأحلام تبخرت، والآمال ضاعت ولم يعد هناك شيء يرتجى

أوس الدوري 26 عاماً هو الآخر طالب جامعي، كان يدرس في جامعة ديالى، الواقعة في محافظة ديالى (شرق بغداد)، ترك مقعده الدراسي في جامعته؛ بعد أن قتلت المليشيات والده وأحرقت منزله، فأصبح يجلس كل يوم على رصيف للعمال؛ باحثاً عمن يستأجره.

وقال الدوري”: إن “المليشيات لم تكتف بقتلها والدي وتهجيري وعائلتي، وحرق منزلنا وتحطيم مستقبلي بتركي لجامعتي، حتى صرت أجلس على الرصيف تحت أشعة الشمس الحارقة في الصيف، وزمهرير البرد شتاءً، بل تقوم بمهاجمتنا بين الحين والآخر وتختطف منا ما تشاء.

وأضاف أن “الحياة في العراق أصبحت مملة لا طعم لها، فالمليشيات حاضرة في كل مكان والدولة غائبة تماماً”، مشيراً إلى أن “الحكومة تتجاهل عذابنا اليومي الذي نعيشه، ونحن بعيدون عن جامعاتنا وزملائنا، في وقت نجلس في الشوارع ننتظر متى يأتي دورنا؛ لنكون ضحية تلك المليشيات التي نزعت من قلبها الرحمة” على حد قوله.

وكان وزير التعليم العالي حسين الشهرستاني، قال في مؤتمر صحفي ببغداد، في وقت سابق: إن عدد الطلبة العراقيين الذين يدرسون في الجامعات الحكومية والأهلية يتجاوز 650 ألفاً، مشيراً إلى أن “أكثر من 160 ألف طالب جامعي تركوا جامعاتهم؛ بسبب العمليات الإرهابية”، لافتاً إلى أن الجامعات العراقية احتضنت عدداً منهم.

وأضاف أن الوزارة أسست كليات رديفة في كركوك ومنطقة الفرات الأوسط (تتكون منطقة الفرات الأوسط من 5 محافظات، هي: النجف، كربلاء، الديوانية، بابل، المثنى) للطلبة والأساتذة؛ لاستمرار العملية التعليمية، مشيراً إلى أن المسؤولية ستكون أكبر في العام المقبل، لإعادة الطلبة إلى مناطقهم، وإعمار الجامعات التي تضررت من جراء العمليات العسكرية، كجامعة تكريت.

ومن جهته قال رائد العبيدي، أحد التدريسيين في جامعة كركوك، في حديث لـ”الخليج أونلاين”: إن جامعة كركوك ما تزال حتى اللحظة تتلقى العشرات من طلبات الاستضافة لطلبة من جامعات أخرى في المناطق الساخنة (الموصل وصلاح الدين وديالى والأنبار)، نزحوا مؤخراً من مدنهم.

وأضاف أن “الطاقة الاستيعابية لجامعة كركوك لم تتحمل استضافة أعداد إضافية؛ لكون الجامعة استقبلت أعداداً كبيرة مع بداية الموسم الدراسي الحالي”، داعياً الحكومة العراقية إلى فتح قاعات مركزية؛ لغرض استيعاب طلبة الجامعات كافة ممن نزحوا مؤخراً.


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة