تلفزيون نابلس
أسئلة الإصلاح باللغة الأمازيغية
2/28/2015 11:32:00 PM

بقلم : داود كتاب

فؤجئت لدي زيارتي الحالية للعاصمة المغربية، الرباط، بوجود كتابةٍ موازيةٍ بحروفٍ جديدةٍ على اليافطات و”الآرمات” في الشوارع والتقاطعات، وعند السؤال عنها علمت أنها أحرف اللغة الأمازيغية، وبدأ الكتابة بها إلى جوار العربية ضمن تعديلات دستورية جديدة.

 الأمازيغ هم سكان شمال أفريقيا الأصليون، الذين استوطنوا في رقعة جغرافية تمتد على 10 مليون كيلومتر مربع تشمل جزر كناريا والمغرب والجزائر وتونس وليبيا وواحة سيوة في مصر ومناطق أخرى في القارة الأفريقية.

 احتفلوا هذا العام برأس السنة الأمازيغية الجديدة 2965، التي تبدأ في الثاني عشر من كانون الثاني/ يناير من كل سنة، وحسب المعتقدات الأمازيغية، تعود بداية التقويم إلى سنة 950 قبل الميلاد، التي شهدت انتصار الملك الأمازيغي شيشناق على ملك الفراعنة رمسيس الثالث، ووقع ذلك في 12 كانون الثاني.

 الشباب الأمازيغي تمسك بلغته التي تناقلوها جيلاً إثر جيلٍ رغم مواجهتهم شتى أنواع الاضطهاد، والرفض الموجه للغتهم منذ لحظة انضمامهم للمدرسة والعمل، حيث لا يعرف المعلمون الأمازيعية ولم يحاولوا التفاهم أو الاعتراف بهذا المكون الجتماعي ولغته.

 النضال للاعتراف باللغة الأمازيغية قطع شوطاً هاماً في 2011، إذ قام المغرب بتعديل للدستور واعتبارها لغة رسمية، ورغم بطء تطبيق هذا التعديل إلا أنه أصبح واضحاً للعيان في الطرقات، وعند رؤية الملصقات والكتب وآرمات الشوارع وجود الأحرف الامازيغية بجانب اللغتين العربية والفرنسية.

 وقد اختلف التعامل مع الحقوق الأمازيغية من بلد مغاربي إلى آخر، فلم يستطيعوا استخدام لغتهم مطلقاً في ليبيا إبان حكم النظام السابق فيها، بينما كانت الجزائر سبّاقة في إدخال تسهيلات وتعديلات دستورية لصالح أبنائها من الأمازيغ.

 ويبقى السؤال إن كانت القومية العربية تتنافى مع احترام الإثنيات الموجودة في العالم العربي، وهل يقلل الاعتراف بلغات غير اللغة العربية من رغبة كل عربي بتحقيق حلم الوحدة.

 يرى الأمازيغ في المغرب أن التعديل الدستوري، الذي اعترف بلغتهم، جاء نتيجة نضال طويل بلغت ذروته خلال “الربيع الديمقراطي”، حيث يفضلون استخدام هذا الوصف تعبيراً عن الهبات الشعبية التي انطلقت من تونس بشعار واضح نحو تحرير الشعوب من الاستبداد والحكم الدكتاتوري، وتوفير قدر أكبر من الديمقراطية والعمل والحياة الكريمة.

 رغم إقرار التعديل الدستوري في المغرب إلا أن الاصلاح لا يزال بطيئاً، وينعكس ذلك في إدخال الحكْم عبارة الديمقراطية الانتقالية أو الديمقراطية التدريجية لوضع حد لرغبة المناضلين الراغبين بخطوات أكثر سرعة في إحقاق المشاركة السياسية، في مختلف المستويات، وللمواطنين كافةً.

 قد يعتبر البعض أن الاعتراف باللغة الأمازيغية أمراً بسيطاً، لكنه بالنسبة لأهلها فإنه يشكل ثورةً حقيقية من حيث الاعتراف بثقافتهم وأصولهم وحقوقهم، وهو بذلك يشكل خطوة إصلاحية هامة، لكنها بالتأكيد ليست نهاية المطاف نحو تحقيق الإصلاح والديمقراطية والتشاركية بل ربما تعد بدايته.

 *داود كتّاب: مدير عام شبكة الإعلام المجتمعي. أسس العديد من المحطات التلفزيونية والإذاعية في فلسطين والأردن والعالم العربي


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة