تلفزيون نابلس
جرائم الشرف.. موروث جاهلي يفتك بالمرأة
1/31/2015 7:34:00 AM

لم يعد مشهد هنادي وهي تلفظ أنفاسها على أيدي خالها سعيا لغسل العار في رواية دعاء الكروان للراحل طه حسين، مجرد مشهد سينمائي، بل بات حدثاً كئيبًا يتكرر بصفة يومية في المجتمع المصري..

حيث كشفت دراسات المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن 92% من جرائم القتل الأسرية تندرج تحت ما يسمى بجرائم الشرف، وأن 70% من تلك الجرائم لم تقع في حالة تلبس، بل اعتمد في ارتكابها سواء من الزوج أو الأب أو الأخ على شائعات ووشايات الجيران والأصدقاء حول سلوك المجني عليها.

وهناك وقائع كثيرة وحكايات عديدة عن أحداث مثيرة وقعت ودفع ثمنها فتيات بريئات، وحكاية وديع الذي لبى دعوة إلى ليلة حمراء تخللتها وليمة جنسية وهو في قمة نشوته وسعادته ، وعندما هم بتحقيق ما أتى من أجله اكتشف أن الفتاة هي شقيقته، وبعد يومين نشرت الصحف خبر العثور على جثة محترقة لضحية في عقدها الثاني..

والجاني هو شقيقها الذي زعم أنه ارتكب جريمته دفاعًا عن شرف العائلة. وفي الإسكندرية اهتزت المدينة الساحلية لحادث عجوز قتل زوجته الشابة ورضيعها، وقام بتقطيع جسديهما إلى أجزاء وسلقهما على النار، بعد أن اعترفت له بخيانته وعايرته بضعفه الجنسي.

وكشف الزوج أثناء التحقيقات، أنه احتفظ بالجثتين يومين كاملين، قبل أن يتوجه للشرطة ويعترف بجريمته. وفي مصر القديمة، سدد زوج طعنات قاتلة لزوجته وطفلتيه، وأشعل النيران في غرفة النوم لحرقهم، واعترف بعد القبض عليه أنه أقدم على ذلك لشكه في سلوك زوجته.

وقام عامل زراعي في المنوفية بذبح زوجته وفصل رأسها عن جسدها وجردها من ملابسها أمام أولاده لشكه في سلوكها، ثم وضعها داخل كرتونة، وألقى بها في أحد المصارف المائية فدل على الجاني أطفاله. وفي أسوان قام خفير بتكبيل ابنته المراهقة بسلاسل حديدية، وتعدى عليها بالضرب حتى الموت بسبب هروبها المتكرر من المنزل وشكه في سلوكها، دون دليل ملموس.

ظاهرة كارثية

عن تلك الحوادث تؤكد أستاذ علم النفس الجنائي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية دكتورة سميحة نصر، أن ثلاثة أرباع جرائم الشرف التي تقع في المجتمع العربي والمصري تعتمد على الشك فقط وعدم اليقين، والتي غالبًا ما تكون بفعل وشاية من الأصدقاء والجيران، ووقوع تلك الجرائم بنسب ضخمة يعتبر شيئا مخيفا وكارثيا فيما يخص وضع المرأة في مجتمعاتنا.

فالنظرة الذكورية القائمة على التمييز الصارخ لا تزال مسيطرة على الأمر، وكذلك الثقافة الظالمة التي تنظر للمرأة على أنها سلعة تباع وتشترى وتختزل شرفها في شيء مادي بحت. وغياب الوعي الديني وشعور الرجل بالغيرة الحمقاء وعدم القدرة على التفكير السليم، كلها عوامل تسهم في ارتفاع نسب جرائم الشرف وقتل الزوجات والبنات بشكل وحشي ومقزز في ظل ظروف مادية سيئة وضغوطات حياتية مؤلمة.

موروثات ظالمة

ويرى أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر دكتور صبري عبدالرؤوف،أن اتهام الأنثى في شرفها وضع لها الإسلام ضوابط وقواعد شرعية، ولا يمكن أبدًا أن تبنى الاتهامات على إشاعات أو وشاية. فقد نصت الشريعة على ضرورة وجود أربعة شهود عدول، أي لا يوجد عليهم انتقاد أخلاقي لإثبات الزنا، حتى يتم تنفيذ حد الله، وهو الجلد 100 جلدة لغير المحصن، مصداقًا لقوله تعالى في سورة النور:

«الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ المُؤْمِنِينَ». أما لو كانا محصنين فتكون عقوبتهما الرجم حتى الموت، ويشهد عليهم أربعة من الشهود. إلا إنه للأسف لا تزال مجتمعاتنا تتعامل مع الأمر بموروثات جاهلية ظالمة، تقضي بذبح الفتاة وإنهاء حياتها لمجرد الشك.


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة