تلفزيون نابلس
معادلة زياد ابو عين يدشن بدمه الذكرى 27 للانتفاضة 12-12-2014 بقلم : حمدي فراج
12/15/2014 10:27:00 AM

 

  في مثل هذه الايام الديسمبرية قبل سبع وعشرين سنة ، كانت الارض المحتلة تميد من تحت اقدام الجنود غضبا شعبيا جارفا وجامحا ، وصلت فيه ايدي الناس كبيرهم وصغيرهم في القرية والمدينة والمخيم الى كل ما استطاعت ان تطوله من حجارة ، ما حملت إسمها ، انتفاضة الحجارة ، الكلمة العربية الوحيدة التي دخلت القاموس العالمي منذ خمسمائة سنة ، وفاضت قريحة الشعراء ، محمود درويش :  " أيها المارون بين الكلمات العابرة ، اخرجوا من أرضنا.. من برنا.. من بحرنا.. من قمحنا.. من ملحنا.. من جرحنا " .

 وفاضت روح محمود درويش دون ان يخرجوا ، من بحرنا ولا من قمحنا ولا من ملحنا ولا حتى من جرحنا . الى ان جاء زياد ابو عين بعد كل هذا الوقت ، لكي يحتفي بالانتفاضة على طريقته الخاصة ، بما يليق بها وبصفائها ونقائها واطفالها من جنرالات الحجارة ، الذين احرجوا الدفيئة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط ، وذهب اسحق رابين ، شريكنا اللاحق في "سلام الشجعان" ، الى اجتراح انشاء مصنعين او ثلاثة لصناعة العصي الخاصة بتكسير عظام الاطفال الفلسطينيين ، فيحصل بعدها على جائزة نوبل للسلام ، وكأن عظام الاطفال الطرية تحتاج الى العصي .

   من بين من فاضت قريحته ايضا سميخ القاسم ، الذي فاضت روحه بدورها ، وهو يكتب كيف قضى زياد ابو عين : " لا خوذة الجندي ، لا هراوة الشرطي ، لا غازكم المسيل للدموع /  تقدموا / وهددوا وشردوا ويتموا وهدموا / لن تكسروا اعماقنا / لن تهزموا اشواقنا / نحن القضاء المبرم" .

    جاء زياد ابو عين لكي يذكّر ونحن في غفلة من امرنا ، انهم لم يخرجوا ، ويعمّد بدمه الزكي حقبة انتفاضية كادت شهوتنا نحو مصالحنا الضيقة ان تنسينا اجتراحاتها النضالية والكفاحية بعيدة المدى والأثر لدى كل الشعوب المستضعفة ان تسير على ذاك الهدي الخلاق .

  و من بين المشاهد التي ما زالت ماثلة بعد مرور كل هذه السنوات ، ما صورته قناة امريكية عن عدد من جنود الدفيئة ، يكسرون سواعد طفلين بالحجارة في نابلس ، هما الطفلين ابناء العم وائل واسامة جودة ، لكن زياد صرخ بدمه ، ان حقبة السلام ، شهدت ما هو اكثر بشاعة وفظاعة : احراق محمد ابو خضير حيا .

     من بين من فاضت قريحته الشعرية ايضا ، نزار قباني ، الذي فاضت روحه ايضا : "  بهروا الدنيا وما في يدهم الا الحجارة / قاوموا وانفجروا واستشهدوا / وبقينا دببا قطبية ، صفّحت اجسادها ضد الحرارة / واحد يبحث عن تجارة / واحد يطلب مليونا جديدا وزواجا رابعا ونهودا صقلتهن الحضارة / آه يا جيل الخيانات ويا جيل العمولات ويا جيل النفايات ويا جيل الدعارة / سوف يجتاحك - مهما ابطأ التاريخ - اطفال الحجارة ".


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة