تلفزيون نابلس
الوعي الانساني نسبي وقابل للجدل ..بقلم د. حنا عيسى – استاذ القانون الدولي
10/26/2014 9:21:00 AM

 الوعي كلمةٌ تدلُّ على ضمِّ شيء. وفي قواميس اللغة العربية وَعَيْتُ العِلْمَ أعِيهِ وَعْياً، ووعَى الشيء والحديث يَعِيه وَعْياً وأَوْعاه: حَفِظَه وفَهِمَه وقَبِلَه، فهو واعٍ، وفلان أَوْعَى من فلان أَي أَحْفَظُ وأَفْهَمُ. وعليه لا وعي دون علم فكلما ازداد المرء علماً وفهماً ازداد وعياً .

 والوعي كلمة تعبر عن حالة عقلية يكون فيها العقل بحالة إدراك وعلى تواصل مباشر مع محيطه الخارجي عن طريق منافذ الوعي التي تتمثل عادة بحواس الإنسان الخمس. كما يمثل الوعي عند العديد من علماء علم النفس الحالة العقلية التي يتميز بها الإنسان بملكات المحاكمة المنطقية، الذاتية (الإحساس بالذات، والإدراك الذاتي، والحالة الشعورية والحكمة أو العقلانية والقدرة على الإدراك الحسي للعلاقة بين الكيان الشخصي والمحيط الطبيعي له. وهو ما يُكون لدى الإنسان من أفكار ووجهات نظر ومفاهيم عن الحياة والطبيعة من حوله.

 والوعي هو معرفة المرء بوجوده وإدراكه لأفكاره ومشاعره، وحين تتسع دائرة وعي الإنسان يصبح مدركاً لمحيطه، وزمانه، وما فيه من مصادر السرور وبواعث الحزن والاكتئاب، كما يصبح مدركاً للفرص والتحديات والإمكانات المتوفرة في ذلك المحيط، ومن المهم أن نلاحظ أن وعي الإنسان بكل ذلك يظل منقوصاً ونسبياً، وقابلاً للجدل والمراجعة.

 انواع الوعي:-

الوعي الاجتماعي: وهو تصوير وانعكاس للوجود الاجتماعي، اي العلاقات الاجتماعية والحياة الاجتماعية بجميع مظاهرها. وحصاد لمجمل تفاعلات الوعي الطبقي. كما ان الوعي الطبقي نفسه انعكاس وتصوير لوجود الطبقة، ولحصاد تفاعلات وعي اعضائها. وهو منظومة عامة من الافكار والنظريات حول مجمل العلاقات الاجتماعية القائمة ويمثل فهما كليا لها.

 الوعي الفردي: ويستند الى ان الانسان في الجوهر كائن مدرك لتصرفاته المتعددة ويرتبط بالوجود المحدد للفرد في جماعة وطبقة ومجتمع معين، وبكل اساليب وفرص اشباع حاجاته الروحية والمادية. وهو ظاهرة اجتماعية يتضمن الوجود الشخصي للفرد والطبقة التي تنتمي اليها، والوسط الروحي والمادي المؤثر في الوجود الفردي.

 وقد يكون الوعي وعياً زائفاً، وذلك عندما تكون أفكار الإنسان ووجهات نظره ومفاهيمه غير متطابقة مع الواقع من حوله، أو غير واقعي وقد يكون جزئياً، وذلك عندما تكون الأفكار والمفاهيم مقتصرة على جانب أو ناحية معينة وغير شاملة لكل النواحي والجوانب والمستويات المترابطة والتي تؤثر وتتأثر في بعضها البعض في عملية تطور الحياة.

 وتختلف مدلولات الوعي، من مجال إلى آخر، فهناك من يقرنه باليقظة (في مقابل الغيبوبة أو النوم). وهناك من يقرنه بالشعور ويشير به إلى جميع العمليات

السيكولوجية الشعورية. ويمكن أن نجعل الدلالة العامة للوعي فيما يلي: إنه ممارسة نشاط معين (فكري، تخيلي، يدوي) ووعينا في ذات الوقت بممارستنا له.

أصناف الوعي:

الوعي العفوي التلقائي: وهو ذلك النوع من الوعي الذي يكون أساس قيامنا بنشاط معين، دون أن يتطلب منا مجهودا ذهنيا كبيرا، بحيث لا يمنعنا من مزاولة أنشطة ذهنية أخرى.

الوعي التأملي: وهو على عكس الأول يتطلب حضوراً ذهنياً قوياً، ويرتكز على قدرات عقلية عليا، كالذكاء ، والإدراك ، والذاكرة… ومن ثمة فإنه يمنعنا من أن نزاول أي نشاط آخر.

الوعي الحدسي: وهو الوعي المباشر والفجائي الذي يجعلنا ندرك أشياء، أو علاقات، أو معرفة، دون أن نكون قادرين على الإتيان بأي استدلال.

 الوعي المعياري الأخلاقي: وهو الذي يجعلنا نصدر أحكام قيمة على الأشياء والسلوكات فنرفضها أو نقبلها، بناء على قناعات أخلاقية. وغالباً ما يرتبط هذا الوعي بمدى شعورنا بالمسؤولية تجاه أنفسنا والآخرين.


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة