نشرت صحيفة "هافنغتون بوست" الأمريكية مقالاً للكاتب الصحفي رونالد تيرسكي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة أمهرست، تناول فيه أهمية مشروع الخلافة لداعش كقوة قتالية وتأثير الضربات الجوية التي تضعف هذه الجماعة على صورة زعيمها أبو بكر البغدادي الذي لم يظهر لمريديه إلا مرة واحدة في خطبة جمعة ألقاها في مسجد بالموصل حيث أعلن أنه الخليفة المنتظر.
يرى الكاتب أن البغدادي شكل حكومة ظل ينتظر إعلانها في الوقت المناسب الذي تبدو له فيها "الدولة اللا-إسلامية (داعش)" دائمة وباقية، مشيراً إلى أنها بحاجة إلى سياسة خارجية وخطة محلية، ولكن الواضح حتى الآن أن السياسة الخارجية لداعش هي البندقية ولا شيء سواها.
وأوضح الكاتب أن داعش تختلف عن القاعدة حيث أن الأخيرة منظمة إرهابية صرف ولم تحاول الاستيلاء على أراضي وإقامة دولة. وكانت تهدف إلى غرس الخوف وإثارة استجابة متهورة. ولكن داعش تشبه أكثر حركة طالبان، التي غزت أفغانستان وحكمتها.
هذا وقد دار الكثير من النقاش الغربي حول ما إذا كان أسامة بن لادن زعيم لا غنى عنه بحيث سيؤدي قتله أو اعتقاله إلى انهيار تلك المنظمة. اختفى بن لادن وظهر في القليل من لقطات الفيديو، وعُثر عليه بعد سنوات، حيث قُتل وأُلقيت جثته في البحر. ولم يكن هناك رد فعل انتقامي عالمي. تولى أيمن الظواهري المنظمة ولم يحقق أي نجاح يذكر. فالقيادي الذي لا يظهر كثيراً لأتباعه يفقد قبضته الكاريزمية عليهم. ويواجه أبو بكر البغدادي هذه المشكلة.
وتساءل الكاتب حول تأثير القضاء على أبو بكر البغدادي على داعش سياسياً وعسكرياً، وماذا سيحدث لحلم الخلافة المبتعثة التي ستنظم كل شؤون الإسلام، مشيراً إلي وجهتيْ نظر أولهما هو ما أعلنته إدارة أوباما من أن الحرب على داعش "لتفكيكها وتدميرها" ستكون طويلة وقد تستغرق عدة سنوات.
هناك وجهة نظر أخرى تؤكد انهيار المعنويات القتالية لداعش في حال القضاء على خليفتها. قد يتم انتخاب خليفة آخر، ولكنه سيكرر على الأرجح السيناريو الفاشل لبن لادن/الظواهري. فالعاطفة الدينية التي تنعش روح العديد من مقاتلي داعش ستخمد وتفقد تركيزها. ولا أحد يعلم
ما إذا كان أبو بكر- الذي يتميز بالدهاء الاستراتيجي والخططي- قد وضع خطة طارئة لخلافته من عدمه.
ويرى الكاتب أنه من الممكن استبدال الجنرالات في سلاسة ولكن بشروط، كما حدث عند انتقال السلطة من آية الله الخميني في إيران إلى آية الله خامنئي حيث كانت الثورة نجحت في الإطاحة بالشاه ورسخت أقدامها لعشر سنوات وهي تبني شبكة من المؤسسات والشرطة السرية التي تحكم قبضتها دينيا على المجتمع.
وأكد الكاتب أن الدولة اللا-إسلامية تمتلك مشروع خلافة ممتد، وإلا لم نكن لنرى إقدامهم على القتال والقتل والترويح بهذه الشراسة، ولذا يحذر من إعطائهم الوقت الكافي لترسيخ أقدامهم والتعامل مع قوة داعش القتالية كأمر مسلَّم به، فقد تم إجبارهم على التخلي عن سد الموصل وجبل سنجار ويتم دفعهم بعيداً عن كوباني الآن. وشدد الكاتب على ضرورة استهداف القيادة العليا لداعش والقضاء عليها؛ لأن ذلك سيؤثر كثيراً في مقاتلي داعش وخططهم الحالية.
تصميم وتطوير: ماسترويب 2016 |