تلفزيون نابلس
في رثاء الشاعر الكبير "سميح القاسم"
8/20/2014 1:57:00 PM

بقلم: د.حنا عيسى

( حينما  يرثى شاعرا لا نفقد شاعرا فقط .. بل نفقد حرفا ابجديا وكل الكلمات  تلبس ثوب الحزن والخواطر ترثيه .. تختنق الاحرف بدموعها وتغرق القافيات في بحر الاهات )

نعم ..مساء يوم الثلاثاء الموافق 19/8/2014  رحل  الشاعر  الفلسطيني  الكبير  سميح  القاسم  في مسقط راسه البلد  الام  فلسطين  التاريخ والجغرافيا .. رحل  الشاعر  والحرارة مرتفعة  تعبيرا  عن  حرارة  الروح الوفية  الصادقة  التي سادت حياة الشاعر  الكبير  سميح القاسم  في الذود عن  فلسطين  وقضيتها  العادلة.. رحل  الشاعر  ومازالت الأمانة في أعناقنا تنتظر الحرية  وحق تقرير المصير ..رحل  ابا وطن قائلا نعم لن نموت..نعم سوف نحيا .. هذه  الثنائية الموت والحياة ,بل أحادية الحياة والانعتاق والتحرر بكل مضامينها الوطنية  هي اختيار شهيدنا  البطل ابا وطن وهذا الاختيار ممتد ومتواصل  كما ترجمه استشهاد شاعرنا الكبير عبد الرحيم  محمود في الأربعينيات  من القرن المنصرم :

سأحمل روحي على راحتي                  والقي بها في مهاوي الردى

فإما حياة تسر الصديق                       وإمــا ممات يغيـظ الــعــدا

عشرات السنين  وابا وطن في لهيب المعركة  وهو مع الأمل ...مع النهار ومع قطرات المطر وجذور  الصخر و الحجر ..مع الحياة .. مضى  وكل الأشياء في دمه  وبين كفيه حتى آخر لحظة  احتفظ بندى الفجر الأتي المشع بشراسة الموقف  المنحاز إلى الوطن و المنساب بين ذرات رمل الوطن..  نعم ,رحلت يا أخينا ويا حبيبنا ونحن بأمس الحاجة إلى شعرك وادبك و حكمتك وخبرتك ..رحلت وأنت تبتسم للحياة ..تبتسم لأصدقائك ومحبيك ..رحلت وأنت تقول : انا لا احبك يا موت – لكني لا اخافك   ..ابا وطن ..رحمك الله.. قلنا لك في حياتك ونقول لك في مماتك

في القلب انت  كخفق القلب نحمله                يسامر القلب يمحو الحزن بالمرح

 بوركت وبورك من أعطاك منزلة                  تبقى كتاج على الأمجاد و المنح

الرامة تتيه بفخر  حينا نذكرها                   كالورد  فاض  على الاغصان بالملح

نعم رحلت أيها الشاعر ..رحلت وتركت  من ورائك زوجتك  وابنائك  وأصدقائك ومحبيك ..وتركت فينا الحنان  و الفرح و المرح ..تركت فينا الأمل والتفاؤل والحياة ..تركت  فينا الحب و الاحترام ..تركت فينا لغة الاستمرار و البقاء ..تركت  فينا اليقظة و النهوض إلى الأمام ..تركت فينا أن نبقى   على العهد  من اجل وطننا  فلسطين.

نعم ,سوف نبكيك ..لأنك تستحق البكاء الذي  يذرف من  اعيننا حزنا  على رحيلك أيها الشاعر الكبير ..كبير في حياتك وكبير في مماتك.

اعلم أيها الشاعر الكبير بأنك كنت ولا زلت وستبقى في أعلى المراتب من قلوبنا.


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة