تلفزيون نابلس
رسالة الطبيب النرويجي في غزة التي خاطب فيها أوباما قائلا: ألا يزال لديك قلب؟
7/25/2014 10:26:00 AM

 في السطور التالية ننشر رسالة كتبها الطبيب النرويجي العظيم د. مادس جيلبرت، عن الأوضاع المأساوية التي يعيشها سكان قطاع غزة، وإليكم نص الرسالة:

أصدقائي الأعزاء .

كانت الليلة الماضية أقساها. فقد نتج عن “الغزو البريّ” على قطاع غزة عشرات المشوّهين والمبتورين والمرتجفين والمحتضرين، وكلّ نمط من الجروح للفلسطينيين، من كافّة الأعمار، وكلّهم مدنيّون، أبرياء.

يعمل الأبطال في سيارات الإسعاف وبجميع مستشفيات غزة ورديتين كلّ 12 ساعة، بوجوه شاحبة ومنهكين من ضغط العمل اللاإنسانيّ (من دون أيّ رواتب خلال الأشهر الأربعة الأخيرة). يقومون بالرعاية والإسعاف في محاولة لفهم الفوضى غير المفهومة أصلاً من الأجسام، من كلّ حجم، والأطراف، ناس يسيرون ولا يسيرون، ناس يتنفّسون ولا يتنفّسون، ناس ينزفون ولا ينزفون، ناس!

يعاملهم كالحيوانات، (الجيش الأكثر أخلاقيةً في العالم)، كما يدّعون!

إجلالي للجرحى لا يُحدّ، لثباتهم في خضمّ الألم والعذاب والصدمة،

إعجابي بالهيئة الطبية والمتطوّعين لا يُحدّ، وقربي من “الصمود” الفلسطينيّ يهبني القوّة، على الرغم من اللمحات التي أودّ فيها الصراخ، احتضان أحد ما بعزم، البكاء، حين أشمّ جلد وشَعر طفل ساخن، تغطّيه الدماء، فنحمي أنفسنا في احتضان لا ينتهي، لكننا لا نتحمّل ذلك، وهم لا يتحمّلون.

وجوه شاحبة متربة، آه، لا يتحمّل المرء عشرات المشوّهين والنازفين، ولا تزال لدينا بحيرات من الدماء على الأرض، أكداس من الضمادات المنقوعة في الدم، وتنقّط، في حاجة إلى تنظيف، آه، المنظّفون في كلّ مكان، يكسحون الدماء والأنسجة المهترئة، الشعر والملابس، الحُقن وكلّ ما يتخلّف عن الوفيات، يجرفونها بعيداً، لنستعدّ من جديد، ويتكرّر كلّ شيء من جديد.

أكثر من 100 حالة وصلت مستشفى “الشفاء” خلال 24 ساعة الماضية، وهي حمولة مستشفىً ضخم، بأجهزة عالية في كلّ شيء، أما هنا ـ فلا يوجد شيء تقريباً: الكهرباء، الماء، الغَيارات، الأدوية، طاولات الجراحة، الأدوات الطبية، أجهزة نبض القلب، كلّها صدئة، وكأنها مستلّة من متحف لمستشفيات الماضي. مع ذلك، لا يشكو، هؤلاء الأبطال. لقد تكيّفوا معها، رؤوسهم عليها، كالمحاربين، بعزم لا يلين.

أكتب إليكم هذه الكلمات، وأنا وحدي، على فراشي، بينما تنسال دموعي، دموع دافئة لكنها عديمة الجدوى، من الألم والحزن، من الغضب والخوف، مما يصعب تصديقه!

والآن، بدأت أوركستر آلة الحرب الإسرائيلية عزفها، ثانيةً، سيمفونية جهنمية، وابل من المدفعية، من قوارب بحرية تستقرّ الآن على الشواطئ، هدير طائرات إف 16، أزيز العربات العسكرية، وطائرات الأباتشي التي تصم الآذان. الكثير الذي صنّعته ودفعت ثمنه الولايات المتحدة الأمريكية.

يا سيد أوباما ـ ألا يزال لديك قلب؟

إنني أدعوكَ، لتقضي ليلةً واحدةً، مجرد ليلة واحدة، معنا، بمستشفى “الشفاء”. ولو متنكّراً في ثياب عامل نظافة.

وإني لعلى يقين، من أن ذلك سيغيّر التاريخ.

فما من أحد لديه قلب وطاقة يستطيع أن يشيح بوجهه بعد هذه الليلة في “الشفاء”، من دون أن يقرّر إنهاء هذه “المذبحة” للشعب الفلسطينيّ.

لكن القساة ومن نُزعت عن قلوبهم الرحمة، لديهم حساباتهم في هجوم آخر (داهية) على غزّة.

ستظلّ أنهار الدماء سيّالة في الليلة التالية، أسمعهم وهم يضبطون آلات الموت نحوهم.

أرجوك، افعل ما تستطيع، فليس لهذا أن يستمر.

مادس

غزة، فلسطين المحتلة

مادس جيلبرت

عيادة طبّ الطوارئ

مستشفى جامعة شمال النرويج


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة