تلفزيون نابلس
فرح الاسرائيليين وابتهاجهم لقتل عدد كبير من الاولاد والاطفال الفلسطينيين أمر مزعزع لا يُصدق
7/25/2014 10:22:00 AM

 هذا هو العدد، وهو صحيح الى أول أمس. 155 ولدا. وفي صباح أمس قتل ثلاثة آخرون، أي بمعدل عشرة اولاد كل يوم. وهو أكبر من عدد مقاتلي حماس الذين قتلوا، كما تقول الامم المتحدة. وقد نشر مركز الميزان لحقوق الانسان أسماء 132 منهم. وعرضت صحيفة “تلغراف” البريطانية أمس قائمة الموت وذُكر فيها أسماء الاولاد وتواريخ قتلهم، تحت صورة تُظهر أعمارهم: رُضع في قُمط، وأولاد وفتية، وكل ولد مع الاسم الذي أعطاه إياه والداه. فبتول إبنة الاربع، وسهيلة إبنة الثلاث، وبيسان إبن الستة الاشهر، وسراج إبن الاربع، ونور إبنة السنتين – وهم الصغار بين 25 من أبناء عائلة أبو جامع التي أُبيدت مع 127 إسما آخر.

إن هذه القائمة لا تكذب: فعملية الجرف الصامد هي “الرصاص المصبوب 2″، التي ستفوقها بعد قليل بفظاعاتها. ولم تنشر هذه القائمة في صحيفة هآرتس ولن تنشر ايضا فلا مكان لها لأننا في حرب وحماس تتحمل تبعة موتهم. وطيارو سلاح الجو لم يقصدوا قتلهم.

لكن لا تخشوا لأنه لو نشرت القائمة لما قبلتها أجزاء واسعة من الرأي العام المغسول الدماغ والمتحمس في بلادة حس بل في فرح ظاهر وإن كان يصعب على العقل أن يصدق. “كان هتلر ايضا ولدا”، هذه كتابة رُشت بها كتلة مكعبة اسمنتية عند مدخل نتيفوت.

نشرت في موقع “والله! للاخبار” المدونات على أثر قتل الاولاد الاربعة على شاطيء غزة. شنيه مويئيل: “يهم مؤخرتي أن قُتل اولاد عرابيش (عرب)، من المؤسف أنه لم يُقتل أكثر. كل الاحترام للجيش الاسرائيلي”؛ وستاف سباج: “الحقيقة أنها صور مفرحة. ولكثرة ما تفرحني يخطر لي أن أشاهدها مرة بعد اخرى”؛ وشارون أفيشاي: “هل أربعة فقط؟ إنها بعصة. كنا نتوقع أكثر”؛ ودانييلا ترجمان: “إنها لذة. يجب قتل الاولاد جميعا”؛ وحايه حتنوفيتش: “لا صور أجمل من أولاد عرب أموات”؛ وأورنا بيرتس: “لماذا اربعة فقط؟”؛ ورحيل كوهين: “لا اؤيد أن يقتل أولاد في غزة. أنا مع أن يُحرق الجميع″؛ وتامي مشعان: “ليمت أكبر عدد من الاولاد.

وكلهن نساء يظهرن مع أسمائهن وصورهن. وهن يشترين من الحانوت قرب اماكن سكنهن ويذهبن معكم الى السينما ويسافرن معكم للاستجمام. وهن اسرائيليات. ولا يفكر أحد في إقالتهن من اماكن عملهن كما يفعلون الآن بالعرب واليساريين؛ ولا ينبذهن أحد ولا يهاجمهن ولا يهددهن. فهن عاديات بحسب المقياس الاسرائيلي الذي تعتبر الشفقة والانسانية نحو الطرف الآخر فيه خيانة، ويعتبر التحمس للموت شعورا وطنيا فخورا.

لكن لماذا ينصب نقدنا على نساء المدونات؟ أصغوا الى حديث الجنرالات والساسة والمحللين الذين يقولون الكلام نفسه تقريبا مع حلاوة اللسان.

ما كان هذا الخطاب الشيطاني ليوجد كما يبدو في أية دولة اخرى. وحتى لو كان الحديث عن ردود متطرفة على نحو خاص فانها تحسن التعبير عن روح العصر. ولا يوجد اسرائيليون كثيرون يحاولون أن يتخيلوا أن هؤلاء الاولاد القتلى الـ 155 أبناؤهم. وأن ينظروا في وجوههم وأن يفكروا في مصيرهم وفي حياتهم البائسة وفي موتهم.

يقاتل الجنود الاسرائيليون ويُقتلون الآن في غزة، وقلب الشعب مصروف الى القلق والخوف عليهم. ولا يوجد شيء مفهوم وطبيعي وانساني أكثر من ذلك. وما زالت القذائف الصاروخية تسقط ايضا. لكن الى جانب هذا القلق، يسجل العدم المطلق لشيء من الشفقة على ضحايا الطرف الآخر حتى لو كانوا أولادا يُقتلون بأعداد مخيفة، يسجل رقما قياسيا آخر للعار حتى في كتاب الارقام القياسية الاسرائيلي.

إن الصور التي تأتي من غزة – لا الى وسائل الاعلام الاسرائيلية حيث تُعرض بصورة عرضية وكأنما لابراء الذمة – كان يجب أن تزعزع كل اسرائيلي. وربما كانوا في غزة ايضا يفرحون الآن لموت أولاد اسرائيليين؛ لكن لم يوجد مثل هؤلاء لعظيم الفرح. ولو شهدنا ذلك لزُعزعنا وبحق. لكن يجوز تجاهل قتل بالجملة لعشرات الاولاد الفلسطينيين يوما بعد آخر بل أن نبتهج لذلك لأن “هتلر ايضا كان ولدا”.


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة