تلفزيون نابلس
أولادي وامرأتي وأنا.. نصرخ !!!
7/22/2014 6:45:00 PM

كتب ابراهيم ملحم - ما زالت شهية القتل مفتوحة على المزيد من الدماء، واشلاء النساء والاطفال، التي تعجنها الغارات تحت بيوت الطوب، وتهرسها الدبابات تحت جنازيرها، وشظايا قنابلها العنقودية والمسمارية، محمولة على نزعة فاشية، تعتنق غطرسة القوة المستمدة من عقيدتها الجابوتنسكية، التي ترى ان ما لا يتحقق بالقوة يتحقق بالمزيد منها، وهي نظرية تستهدف اجساد الاطفال الغضة تحت جُدر حديدها الصلب، وتحيل المنازل مقابرلساكنيها، في عملية ابادة جماعية، تجاوزت النازية في فظاعتها وبشاعة جرائمها ضد الانسانية، وسط صمت دولي مفزع.

امام قتامة المشهد - ووسط سحب الدخان المتصاعدة من المحرقة المفتوحة على الهواء في زمن الفضاء المكتظ بالاقمار الكاشفة للاخبار والاسرار، وفي اللحظة الدامية ونحن نرى عائلات باكملها تقضي تحت اسقف منازلها - فان البكاء حد الصراخ يداهمني مع كل طفل يسقط، وكل امراة تقتل، وكل شيخ يقضي في الشوارع والحارات والازقة المكتظة بالبشر.

يداهمني البكاء حد الصراخ وانا اشاهد اطفالا وقد سحقت رؤوسهم وقطعت اوصالهم وسالت على ارصفة الشوارع وداخل غرف النوم دماؤهم وتناثرت في الهواء اشلاؤهم.

يداهمني البكاء حد الصراخ وانا ارى ابا يبكي بجوار سرير ابنته في المشفى، والتي اخرجها للتوّ من تحت انقاض منزله، بعد ان قضت تحتها زوجته وابنتاه وشقيقته وزوجه ابيه.

يداهمني البكاء حد الصراخ على اب يشكو عجزه، بعد ان ترك ابناءه وزوجته يلفظون انفاسهم تحت انقاض بيته، دون ان تتمكن طواقم الدفاع المدني من انقاذهم بسبب شدة النيران.

يداهمني البكاء حد الصراخ، بعد ان ادت غارة لحظة الافطار الى الاجهاز على عائلة كاملة اب وزوجته وابناؤه الثمانية، في قصف لشقة في عمارة بينما كانوا على مائدة الافطار.

يداهمني البكاء حد الصراخ وانا ارى المشافي تقصف وبيوت المعاقين والمسنين تهدم على رؤوس ساكنيها.

يداهمني البكاء حد الصراخ، وانا اسمع كلاما ليس كالكلام، وتصريحات ليست كالتصريحات، وهي تساوي بين الضحية والجلاد.

يداهمني البكاء حد الصراخ، من تصريحات عربية تبدو متلعثمة غير مفهومة كلماتها متقاطعة من قبيل: نقوم بجهود للتوصل الى صيغة قد تكون قادرة على ايجاد قاعدة مشتركة، يمكن ان توفر بيئة افضل ومساحة اوسع في اطار التوصل ايجاد حل يكون بامكانه وضع حد.... !

يداهمني البكاء حد الصراخ، وانا اسمع كلاما تحت الهواء لوزير الخارجية الامريكي، وهو يصف فظاعة العملية "المحدودة الدقيقة" لالة الحرب الاسرائيلية، بينما يعلن مساندته لهذه الاله عندما يكون على الهواء !

يداهمني البكاء حد الصراخ، وانا ارى البعض على وسائل التواصل الاجتماعي، ما زال مسكونا بالخصومة السياسية مع حماس، بينما غزة كلها ناسها وحماسها في المحرقة المروعة.

يداهمني البكاء حد الصراخ وانا اسمع الامين العام للامم المتحدة يطالب بهدنة انسانية ولا يرى ان  الاستهداف المباشر للاطفال والنساء جريمة ضد الانسانية يجب ان تتوقف حال دون ربطها بهدنة مؤقتة او نهائية .

يداهمني البكاء حد الصراخ وانا اتابع فضائيات عربية الوجه واللسان منشغلة بطبخة هنية بينما عدسات الفضائيات المهنية تحرث الارض في الشجاعية وتقلب الحجارة وتغوص بين انقاض البيوت تحت النار لفضح الجريمة.

يداهمني البكاء حد الصراخ، وانا ارى خير امة اخرجت للناس تلوذ بصمت المقابر، بينما غزة تتقطع اشلاء، وتجري فيها الدماء انهارا.

اولادي وامرأتي وأنا نصرخ .. فاصرخو معنا .. حتى تتوقف المجزرة وتنطفئ نيران المحرقة !

 

 


تصميم وتطوير: ماسترويب 2016
جميع الحقوق محفوظة