لم يكن اعتراف إسرائيل بـ”فقدان” أحد جنودها في غزة، بعد 48 ساعة من إعلان كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، “أسره”، مجرد إقرار بواقع تفرضه معركة برية على الأرض، مثله في ذلك مثل اعترافها بمقتل 27 من جنودها في العمليات، وإنما يعتبر تغيرا كبيرا في حسابات المعركة يدخلها مرحلة جديدة، بحسب خبراء عسكريين مصريين.
وقال خبراء ، إن أمام إسرائيل 5 سيناريوهات بعد إعلان كتائب القسام، عن أسر الجندي، أولها التجاهل، وهو السيناريو الذي اتبعته تل أبيب خلال الـ48 ساعة الماضية، وثانيها تفاقم الأزمة التي تعانيها حكومة بنيامين نتنياهو منذ بدء العمليات، وثالثها لجوء الحكومة إلى رد فعل هستيري ضد غزة، ورابعها ربط التهدئة بالإفراج عن الجندي، وخامسها اللجوء لصفقات لاستعادة الجندي.
وقبل يومين، أعلنت كتائب القسام، على لسان متحدث باسمها، عن “أسر” جندي إسرائيلي يدعى شاؤول آرون في حي التفاح شرقي غزة، ثم أعلنت إسرائيل اليوم، إنها “فقدت” شاؤول في القطاع، دون أن تذكر معلومات تفصيلية عنه سوى أنه أحد أعضاء لواء قوات النخبة “غولاني”.
وفور إعلان القسام “أسر” الجندي، شرعت إسرائيل في تطبيق السيناريو الأول، بحسب اللواء جمال مظلوم، الخبير العسكري المصري، ولم تعلن أي رد فعل على بيان الكتائب، طوال 48 ساعة.
مظلوم أوضح أن “إسرائيل تجاهلت الواقعة حتي لا تتأثر الروح المعنوية للجنود الإسرائيليين، خاصة وأن ذكري أسر الجندي جلعاد شاليط (في 2006)، لا تزال قريبة في الأذهان”.
وأضاف أن “الجيش الإسرائيلي مصر على إخفاء خسائره والاستمرار في زيادة خسائر الجانب الفلسطيني وتدمير بنيته الأساسية”.
وفي 25 يونيو/ حزيران 2006، أسرت فصائل فلسطينية الجندي الإسرائيلي “جلعاد شاليط”، وبعد 5 سنوات من أسره وبتاريخ 11 أكتوبر/ تشرين الأول 2011 أطلقت إسرائيل سراح 1027 أسيراً فلسطينياً، مقابل إطلاق حماس سراح الجندي شاليط، في عملية أسمتها الأخيرة “وفاء الأحرار”.
أما ثاني السيناريوهات، فيتمثل في تفاقم الأزمة داخل حكومة نتنياهو، بحسب عادل سليمان، الخبير العسكري المصري ورئيس منتدى الحوار الاستراتيجي لدراسات الدفاع والعلاقات المدنية العسكرية (غير حكومي).
ووصف سليمان موقف الحكومة الإسرائيلية من أزمة أسر الجندي، بـ”المتخبط”، مضيفا أن “حكومة نتنياهو تعيش تخبطا شديدا وارتباكا واضحا مع استمرار سقوط قتلي في صفوف جنودها ويغلب علي بياناتها التأخر وما حدث من أسر للجندي الصهيوني سيعمق هذا الارتباك ويوسع من الأزمة”.
وقال سليمان إن إسرائيل قد تلجأ إلى “رد فعل هستيري يغطى على أزمات الحكومة المتفاقمة والفشل الذي يحاصرها خلال العملية العسكرية ضد غزة”، فيما يعتبر السيناريو الثالث.
واعتبر سليمان أن “أسر الجندي الصهيوني نقطة إيجابية للمقاومة الفلسطينية تغير الموازين والحسابات لصالحها في ظل الحرب التي تشن من جانب العدو (إسرائيل) ضد غزة”، مشيرا إلى أن “المقاومة الفلسطينية موقفها أقوى من موقفها في تهدئة عام 2012 وبالتالي الأسر سيزيد من قوة موقفها في أي خطوة قادمة بشأن أي مبادرة تعلن”.
وفي 14 نوفمبر/ تشرين ثاني 2012، توصلت إسرائيل وحماس إلى تهدئة بوساطة مصرية، بعد 8 أيام من بدء عملية عسكرية شنتها تل أبيب على قطاع غزة.
من جهته، رجح الخبير الأمني، علاء عز الدين، المدير السابق لمركز الدراسات الاستراتيجية بأكاديمية ناصر العسكرية (تابعة للجيش المصري)، أن تلجأ إسرائيل لعقد صفقات مع المقاومة في مقابل الافراج عن الجندي شاؤول، من بينها استخدام الإفراج عنه كشرط للتهدئة مع الفصائل الفلسطينية.
كما يمكن أن يتكرر سيناريو صفقة الإفراج عن الجندي شاليط، بحسب عز الدين، الذي أوضح أن “هذا الجندي (شاؤول) ورقة قوية للتفاوض ستصب في صالح الجانب الفلسطيني وربما تستخدم للإفراج عن الأسري الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية علي نحو ما كان في صفقة شاليط”.
وأضاف أن “الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني يدخلان بعد أسر الجندي مرحلة جديدة وسيسعي كل طرف للحصول علي أوراق تقوي موقفه في أي مبادرات للتهدئة قادمة”.
تصميم وتطوير: ماسترويب 2016 |